الخميس ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٥ الموافق ٩ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ

الوعي الأُسَري المفقود! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

الوعي الأُسَري المفقود! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي أحد كبار السن يتسوَّل المعونة ويستجدي المساعدة، معللاً ذلك بكثرة عياله، يذكر أن لديه ثلاث زوجات وثلاث عشرة من البنين والبنات، ليس لديه ما يَسُد به حاجتهم، لا يوجد لديه عمل أو حرفة للقيام بشؤونهم، يعتمد على مؤسسة الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية في تأمين متطلبات معيشة الأسرة، ذلك النموذج يتكرَّر بكثرة لا سيما في البوادي والهجر، فالتعدُّد في نظر هؤلاء رمزاً للرجولة، وكثرة الأبناء عزوةً وسندا.

بالنظر لذلك النموذج من منظور شرعي بحت نجد أنَّ الإسلام حث على الزواج ورغَّب فيه وجعله مرهوناً بالاستطاعة، لقوله تعالى “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ” (النور،33). وفي قوله تعالى “ذلِكَ أدنَى ألاَّ تعُولُوا” (النساء،3) تنبيه على الزواج بواحدة وعدم التعدد حتى لا يكثر عيالكم فتعجزون عن إعالتهم؛ وما نشهده من مظاهر الاستجداء العلني يُعبِّر عن خلل في المفهوم بمسؤولية الزواج والأسرة، فيه ظلم للنفس والأبناء، ويُرسِّخ ثقافة الاعتماد على الآخرين دون أي جهد يُذكر.

ما يبعث على التفاؤل أن الجيل الحالي ليس كالجيل السابق في التعدد وكثرة الانجاب، وأكثر من ذلك يظهر عزوف عن الزواج من الطرفين متعللين بالظروف الاقتصادية الصعبة، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، هؤلاء قد أحسنوا القول والعمل مستأنسين بقول الله تعالى”لا يُكلِّفُ الله نَفساً إلاَّ وسعَهَا”(البقرة،286). فالوعي بالمسؤولية تجاه الأسرة يتطلب بذل الجهد في سبيل حياة تليق بكرامتهم واحتياجاتهم.

خلاصة القول: إنَّ بناء الوعي بالمسؤولية تجاه الأسرة يتطلب وقفة من المؤسسات التعليمية والإعلام والمنبر، فحين تتكامل تلك الجهات على هدف واحد لبناء مواطن مسؤول، سوف ينشأ جيل يعرف متى يتزوج؟ ومتى يُنجب؟ ومتى يعزف عن الزواج؟.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *