الإثنين ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٥ الموافق ٢٨ ربيع الآخر ١٤٤٧ هـ

هيبة ومكانة المعلم بين الماضي والحاضر! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

هيبة ومكانة المعلم بين الماضي والحاضر! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

لا يزال المعلم حتى اليوم يقوم بمهمة التدريس، يُسند إليه الإشراف على الطلاب في الفسح والطابور الصباحي وأوقات الصلاة، يُشارك في الأنشطة المدرسية والإرشاد الطلابي، يُكلَّف بسد العجز في حصص الاحتياط عندما يتغيَّب أحد المعلمين عن عمله، يلتزم بالحضور والانصراف في أوقات مُحدَّدة، هذا التداخل في المهام يؤدي إلى إرهاق المعلم ويفقده التركيز في مهمته الأساسية (العملية التدريسية).

حدَّد النظام التعليمي نصاب المعلم الأقصى بـ 24 حصة تدريسية أسبوعياً، يُكلَّف بعض المعلمين بأعمال خارج نطاق التدريس تفوق طاقتهم، يُعفى آخرون من هذا التكليف، مع وجود مساحة من الاجتهاد الشخصي للمدير وصلاحيات أوسع من مسؤولياته الإدارية.

فقد المعلم كثيراً من المكانة التي كان يحظى بها في السابق، عوامل عديدة أسهمت في التقليل من تلك المكانة، فالأسرة والإعلام والتعليم جعلت من المعلم ناقل للمعرفة لا مربياً للأجيال، ناهيك عن درجات السلوك والمواظبة التي كانت أداة تربوية فاعلة في ضبط سلوكيات الطالب والحد من غيابه، كانت تؤثر في معدل الدرجات العام والتقدير النهائي، ما يجعل الطالب يحرص على الحضور، ويُقدِّر المعلم، تفادياً للحسم من درجات السلوك والمواظبة.

مؤسف حقاً في هذا الزمن أن تُكافأ الشُّهرة ويُهمَّش من صنعها، يحدث هذا عندما يتسابق الأفراد والمؤسسات لتكريم المشاهير والإعلاميين واللاعبين، وتُصرف على ذلك التكريم الملايين، رغم أن المعلم هو الأساس الذي خرجت من تحت يده كل تلك النماذج، فقد كان له الفضل بعد الله في بناء القيم والمبادئ لدى الناشئة للوصول بهم إلى قمة الهرم في ميادين العلم والعمل.

إنَّ إعادة الدور التربوي للمعلم واجب وطني ومسؤولية اجتماعية غير مقصورة على يوم المعلم الذي يحتفي فيه بنفسه داخل أسوار مدرسته، بل بتضافر كافة المؤسسات والدوائر التي عليها أيضاً الإسهام بهذا التكريم في محفل سنوي عام تُقام فيه الفعاليات والبرامج للاحتفاء بهذه المناسبة، فهو الأحق بهذا الاحتفاء وذلك التكريم.

في مجال العمل بالمدرسة للقيام بمهمة التدريس يمكن اقتفاء أثر أعضاء هيئة التدريس بالجامعات للرفع من مكانته التربوية من خلال الآتي:

1 – تفرُّغ المعلم لتدريس مادة التخصص والإعفاء من كافة المهام الإدارية والإشرافية.

2 – انتداب المعلم لمدرسة أو مدارس أخرى مجاورة لاستكمال نصابه من التدريس في مادة التخصص دون الانتقال بين المدارس في اليوم الواحد.

3 – تقيُّد المعلم بالحضور والانصراف في موعد بدء الحصة الدراسية المسندة إليه على غرار الدوام الرسمي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات.

ختاماً: المعلم نبراس العقول فهو من يغرس بذور المعرفة لدى الناشئة، ولن ينهض التعليم إذا لم يُمنح المعلم ما يستحقه من التقدير والمكانة، ما ينعكس إيجاباً على المدرسة التي سوف تظل المكان الآمن لتلقي العلوم والمعارف، فمن خلال تظافر جهود منسوبيها تؤدي رسالتها في بناء جيل طموح يُسهم في تقدم الوطن وازدهاره.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *