في الثالث والعشرين من سبتمبر لعام 2025، تتزيّن المملكة العربية السعودية بثوب الفخر، وتنبض قلوب أبنائها بحب الوطن، وهي تحتفل بيومها الوطني الخامس والتسعين تحت الشعار الملهم “عزّنا بطبعنا”. شعار يختصر قرونًا من المجد، ويروي قصة شعب أصيل وقادة عظماء، ويجسّد القيم المتجذّرة في الشخصية السعودية، مؤكدًا أن العزّة تنبع من طبعنا الأصيل، وأن نهضتنا قامت – وستبقى – على إرادة راسخة وطموح لا يعرف المستحيل.
لقد شهدت بلادنا نهضة غير مسبوقة، بفضل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرؤية المتفرّدة لعرّاب التحوّل وصانع المجد الحديث، ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. رجلٌ أعاد رسم ملامح الحاضر، وفتح أبواب المستقبل، وغرس في أبناء الوطن الإيمان بأن المستحيل ليس في قاموس السعوديين، مردّدًا كلماته الخالدة: “لدي شعب عظيم”. قائدٌ اجتمع فيه حُلم المؤسسين، وبُعد نظر القادة الكبار، وجرأة المصلحين التاريخيين، فصنع للمملكة مكانًا في قمة العالم، حيث لا يبلغها إلا أصحاب العزائم العظمى.
الريادة التقنية والتحول الرقمي .. تربّعت المملكة على صدارة دول العالم في التقدم التقني والتحول إلى الحكومة الإلكترونية، حتى أصبحت ابتكاراتها الرقمية نموذجًا عالميًا يُحتذى به… التطبيقات السعودية اليوم لا تخدم المواطنين والمقيمين فحسب، بل أصبحت تُصدَّر كنماذج تقنية إلى حكومات أخرى حول العالم، بفضل تصميمها المبتكر وكفاءتها العالية.. نجحت منصة “أبشر” و”توكلنا” في دمج أكثر من 200 خدمة حكومية رقمية، لتصبح بوابة موحدة للمواطن والمقيم. كما أطلقت المملكة مشاريع المدن الذكية في نيوم وذا لاين، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في إدارة الطاقة والمياه والمواصلات، في نموذج حضري مستقبلي فريد. واحتلت المملكة مراكز متقدمة ضمن أعلى 5 دول عالميًا في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية لعام 2024. وفي مجال الأمن السيبراني، فازت المملكة بجائزة أفضل منظومة أمن سيبراني وطنية في مؤتمر الأمن السيبراني العالمي 2025، كما دشّنت المركز الوطني للذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني القادر على التنبؤ بالتهديدات وإحباطها قبل وقوعها… اقتصاديًا، أصبح قطاع التقنية يساهم بأكثر من 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، مع تصدير تقنيات ومنتجات برمجية سعودية إلى أسواق آسيوية وأوروبية، ما عزز مكانة المملكة كمركز تقني عالمي.
الأمن والقضاء “طمأنينة وعدالة رقمية” .. حصلت المملكة في عام 2025 على تصنيف ضمن أكثر ثلاث دول أمانًا عالميًا، بفضل منظومتها الأمنية المتقدمة التي توظف آلاف الكاميرات الذكية، ومبادرة “المدينة الآمنة” في الرياض وجدة، التي تستخدم التحليلات الفورية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. كما عززت مبادرة “درون 360” مراقبة الأحياء والطرق عبر طائرات مسيّرة، ما ساهم في الحد من الجرائم والحوادث.
موسم الحج والعمرة.. نجحت المملكة في تقليص زمن حركة الحشود بنسبة 30٪ باستخدام الذكاء الاصطناعي والخرائط التفاعلية الذكية التي توجه الحجاج وتتجنب مناطق الازدحام. وقد استقبلت في موسم العمرة 2025 أكثر من 1.2 مليون معتمر من 109 دول، ضمن أعلى معايير الأمان والراحة، بفضل 89 مبادرة تقنية وتنظيمية.
مجال القضاء ..صُنفت المملكة ضمن أفضل 10 دول عالميًا في العدالة الرقمية، حيث تُدار 95٪ من القضايا إلكترونيًا منذ بدايتها وحتى صدور الحكم، مع إمكانية التنفيذ الرقمي للأحكام. وأُطلق الأرشيف القضائي الوطني الذي أرشف أكثر من 100 مليون وثيقة وصك، بعضها يعود لأكثر من 80 عامًا، مع إتاحتها للبحث الفوري. كما تم تدشين المحاكم الافتراضية التي تتيح حضور الجلسات من أي مكان في العالم، خاصة في القضايا التجارية الدولية. ويشمل دور القضاء جانبًا إنسانيًا من خلال برامج إعادة التأهيل والتعليم والتدريب المهني داخل الإصلاحيات، بالإضافة إلى الوساطة الإلكترونية التي ساعدت في حل آلاف النزاعات وديًا قبل الوصول إلى المحاكم.
اقتصاد عالمي واستثمار سيادي .. تصدّرت المملكة المشهد الاقتصادي العالمي، بفضل صندوق الاستثمارات العامة الذي بلغت قيمة أصوله تحت الإدارة بنهاية عام 2023 نحو 925 مليار دولار (حوالي 3.47 تريليون ريال)، وتجاوزت في عام 2025 حاجز 1 تريليون دولار، ليصبح من أكبر أربعة صناديق سيادية في العالم.. يستثمر الصندوق بذكاء في مختلف القطاعات حول العالم، بهدف تنويع الاقتصاد الوطني، وتعظيم العوائد، وجعل المملكة لاعبًا محوريًا في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي.
السياحة “من الأصالة إلى العالمية” .. حققت المملكة إنجازًا تاريخيًا باستقبال أكثر من 100 مليون زائر في عام 2023، قبل الموعد المستهدف في رؤية 2030. وفي 2025، أطلقت هيئة السياحة برنامج “Saudi Summer 2025” لاستقطاب 41 مليون زائر عبر ست وجهات رئيسية، وأكثر من 600 منتج سياحي و250 عرضًا خاصًا. وتشهد المواقع التراثية مثل العلا والدرعية تطورًا عالميًا بفضل المشاريع الكبرى والتعاون الدولي، فيما تدخل المملكة عصر السياحة الذكية من خلال الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتعزيز الاستدامة وحماية البيئة.. السياحة أصبحت رافدًا اقتصاديًا ضخمًا، تساهم بأكثر من 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر أكثر من 2.7 مليون وظيفة، وتستقطب استثمارات عالمية نوعية.
الثقافة والفنون “هوية متجددة” .. من المسرح إلى الموسيقى، ومن الأدب إلى الفنون البصرية، وصولًا إلى المشاريع التراثية الكبرى، ترسخ المملكة مكانتها الثقافية عالميًا.. مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) أصبح من أبرز الوجهات الثقافية في العالم، ومشروع تطوير المساجد التاريخية يعيد الحياة لمئات المساجد ذات القيمة الروحية والمعمارية. وفي العاصمة، يحوّل مشروع رياض آرت المدينة إلى معرض فني مفتوح يضم أكثر من 1000 عمل فني يزيّن الفضاء العام. كما ستستضيف المملكة في نوفمبر 2025 منتدى أكاديمي عالمي عن تاريخ الحج والحرمين، يجمع بين البحث التاريخي والتقنيات الحديثة، ليكون جسرًا بين الماضي العريق والمستقبل المشرق.
الخاتمة.. إنها المملكة العربية السعودية… أرض العزّ ومهد الأصالة، التي جمعت بين الريادة التقنية، والأمن الراسخ، والاقتصاد المزدهر، والسياحة العالمية، والثقافة المتجددة. وفي عام 2025، نحتفل بيومنا الوطني الخامس والتسعين تحت الشعار الخالد “عزّنا بطبعنا”… شعار يختصر قرونًا من المجد، ويعكس إرادة شعب لا يعرف المستحيل، وقيادة جعلت من طبعنا الأصيل منارة تُضيء طريقنا نحو قمم المجد، حيث يبقى العزُّ راسخًا… والمستقبل أبهى مما نتصوّر.
التعليقات