صحيفة النماص اليوم :
أكد الباحث في العلوم الإنسانية عبدالهادي صالح أن شعر العرضة في جبال السراة يتقاطع مع الشعر الجاهلي الذي يعتمد على المشافهة والحفظ والسماع، كما هو الحال في شعر العرضة ولا يعتد فيه بالكتابة والشاعر هنا يستخدم أعضاء النطق اللسان والشفتان والأحبال الصوتية والحنجرة، ما يعني أن هذا الشعر نشأ شفويا ضمن ثقافة صوتية سماعية أي، مسموعاً لا مقروءاً غناءً لا كتابةً مُعبّراً عما يعرفه السامع مسبقاً، عاداته وتقاليده حروبه ومآثره انتصاراته وانهزاماته، موضحا أن الأمر قد يصل إلى الانتقاص من الشاعر الذي يكتب القصيدة ثم يأتي ليلقيها أمام الجمهور، لأن الأصل هو الإلقاء والإنشاد في المناسبات الاجتماعية، والاعتماد على الذاكرة وسرعة البديهة ولربما يُشك في قصيدة الشاعر المكتوبة “وذلك تماشياً مع أنظمة الثقافة الشفوية” وقد يكون الصوت الحسن للشاعر أكثر طلباً له في الحفلات ووصولاً إلى وجدان الجماهير، حتى لو كانت موهبته الشعرية دون المستوى الفني المطلوب في هذا النوع من الشعر؛ فالمقيّيم لتجربة الشاعر هنا هو الجمهور ومن يحدد أو يدعو هذا الشاعر أو ذاك للمشاركة الدائمة في الحفلات الاجتماعية المتنوعة، متى ما استطاع الشاعر مواصلة امتاع الداعين بخاصة واستدعاء أمجادهم ومآثرهم وما إلى ذلك. جاء ذلك في محاضرة نظمتها جمعية الأدب المهنية بالتعاون مع قرية ليكو السياحية بالنماص ضمن فعاليات صيف النماص 2025م. وقال صالح: لقد استفاد الشاعر الجاهلي من “الصيغ الشعرية الجاهزة الثابتة – عبارات/ جمل/ أمثال/ حكم – تلك التي ثبتت في الذاكرة وتغلغلت في الوعي واللاوعي معاً” مثل ( وقد اغتدي والطير في وكناتها ) وهي صيغة شعرية تداولها الكثير من الشعراء – ومن ثم يبدأ الناس في تداول تلك القصائد مشافهة أيضاً، ولم يكن للكتابة دور في توثيقها بل الذاكرة والذاكرة وحدها المسؤولة عن حفظها وانتشارها في المجتمعات العربية من خلال الرواة وعابري السبيل وسواهم، مشيرا الى ان شاعر العرضة كذلك استفاد من الصيغ الشعرية الجاهزة مثل “سلام ياللي رافع البيرق” ولا يعدّ خجلاً في شعر العرضة استخدام الشاعر للصيغ الشعرية الجاهزة والمتداولة بين الشعراء السابقين واللاحقين، ما دامت حقوق الملكية الفكرية لا تطبق تماماً في هذا النوع من الشعر. وحول الأدب الشفاهي أوضح صالح أنه ليس كل حديث أو ذكريات أو وقائع يمكن أن تنتمي إلى الأدب الشفاهي فمثلاً الأحداث التاريخية قام بتوثيقها المؤرخون وهم مسؤولون عن ذلك ولا يمكننا أن نضم المعارك والحروب إلى دائرة الادب وفنونه المتعددة. مشيرا الى ان صعوبة الادب الشفاهي تأتي في توثيقه ولمّ شتاته من عقول وذاكرة الرواة وبخاصة أن بعض الرواة المسؤولون عن نقله للآخرين قد يحرِّفون أو يدلسون فيه وهنا تأتي مهمة الباحث الحقيقية في هذا النوع من الادب واستخدام الأدوات التسجيلية اللازمة لتوثيقه والاستعانة بأكثر من راو للتأكد من صدق الحكاية أو القصيدة وسواهما وأشاد عبالهادي صالح بالدور الكبير الذي تقوم به دارة الملك عبدالعزيز التي لم تأل جهدا في تقديم يد العون والمساعدة لكل من يلجأ اليها من الباحثين واستعداد الدارة لتقديم الاستشارات البحثية في ذلك. من جهتها قالت سفيرة جمعية الأدب المهنية في عسير الأستاذة عبير العلي أننا نسعى الى تكثيف الفعاليات الثقافية في محافظات عسير كلها ونحرص على استضافة الكتاب والشعراء من مناطق المملكة المختلفة، مشيدة بالدور الكبير والتنظيم الرائع الذي قامت به قرية ليكو السياحية بالنماص والمشرف على القرية علي بن غرمان الشهري وإسهاماته في الحركة الثقافية والفنية على حد سواء. من جهته أكد المشرف على قرية ليكو السياحية علي بن غرمان الشهري على احتضان القرية لكل الفعاليات الثقافية التي تنظمها جمعية الأدب المهنية وسواها موضحا اننا بصدد إقامة أكاديمية للفنون التراثية كالعرضة واللعب الشهري وتدريب الأجيال الجديدة على هذه الفنون الادائية التي تعكس قوة الفلكلور السعودي وخاصة أننا مقبولون على تنظيم كأس العالم في العام 2034 م في المملكة العربية السعودية ونستعد من الآن في الإعداد والتنظيم لذلك. شهدت الأمسية حضور عدد من المهتمين والكتاب والزوار وتحدث في المداخلات الكاتب ظافر الجبيري والدكتور عبدالله القرني والإعلامي عبدالله الشهري وأدار الأمسية المذيع في التلفزيون السعودي حسن الشهري.
التعليقات