دار الحديث بين مجموعة من المعلمين المتخصصين في إحدى الورش التعليمية حول بعض القضايا في مجال التخصص، في هذا اللقاء التعليمي ظهر جلياً اختلاف وجهات النظر، بعض المعلمين كان لديه ثقافة واسعة حول القضايا المطروحة للنقاش، تَوقَّف بعضهم عن الحديث حتى الرجوع للمصادر المعرفية، كان مصدر الاختلاف يعود للمخرجات الدراسية أثناء الدراسة بالجامعة، فعلى الرغم من وحدة التخصص إلا أن المواد الدراسية بين الجامعات متباينة، ناهيك عن تباين واختلاف الموضوعات المدروسة، والمستوى الأكاديمي لعضو هيئة التدريس، والإمكانات المتاحة لدى الجامعة.
لا أبالغ إن قلت بأن معظم المواد الدراسية في الجامعات يتم تدريسها للطلاب وفق المتاح، يتداخل فيها عوامل عديدة منها ما يتعلق بالمستوى العلمي لعضو هيئة التدريس، قد تدخل العوامل النفسية والمادية والصحية والبيئية للعضو في طبيعة ما يتم تدريسه للطلاب، هذا الجدل قائم منذ أن كُنَّا على مقاعد الدراسة بالجامعة منذ ما يزيد على أربعة عقود، فالجدل حول هذه القضية لا يزال مطروحاً حتى اليوم.
يتهافت معظم الطلاب عند التسجيل للمقرر الدراسي لدى عضو تدريس مُعيَّن دون باقي الأعضاء، رُبَّما لرغبتهم في النجاح بدرجات عالية، قد تكون طريقة التدريس والأسلوب الجاذب للعضو أحد الأسباب، أو أن المقرر لا يتعدى بضع ورقات مختصرة أو ملازم محدودة لا تفي بالغرض المقصود، أسهم فيما ذكرت إسناد تدريس المقرر لعضو هيئة التدريس دون قيود حيث تخضع له كل موضوعات المحتوى للمقرر المراد تدريسه من حيث التأليف أو التوليف.
في ذات السياق فإن الاختلاف بين الجامعات من حيث البنية التحتية، والخبرات التراكمية، والمستوى الأكاديمي للأعضاء، كان له دور بارز في اختلاف المخرجات بين الطلاب الخريجين، يوجد فارق كبير بين جامعة تأسست منذ ما يزيد على 50 عاماً مضت مع جامعة أخرى نشأت حديثاً، هذا يتطلب اقتفاء الأثر لأبرز الجامعات المحلية التي حصدت جوائز محلية وعالمية ونالت مكانة علمية بين سائر الجامعات في الوطن العربي والعالم.
الجامعة الفريدة التي يُمكن أن تكون أنموذجاً يُحتذى للجامعات المحلية أصبح مطلباً تقتضيه الضرورة في العصر الحاضر، فجامعة عريقة كجامعة الملك عبد العزيز على سبيل المثال لا الحصر، رُبَّما تكون الأقرب لنقل الخبرات الأكاديمية والفنية والإجرائية بالتعميم على باقي الجامعات، على أمل أن يتم توحيد مُسمَّى المقررات لكافة التخصصات، والساعات الدراسية المقررة لكل مادة، وإجمالي عدد الساعات اللازمة للتخرج، ومحتوى الموضوعات المدروسة، والمنهج المعتمد للدراسة.
النواتج الإيجابية من توحيد التخصص والمقرر الدراسي عديدة، لعل أبرزها إمكانية نقل الطالب بين الجامعات دون حرمانه من بعض المقررات الدراسية عند معادلة المواد، فاختلاف مُسمَّى المادة وعدد الساعات قد تكون عائقاً أمام معادلة كافة المواد الدراسية، ينتج عن هذا الاختلاف بقاء الطالب فترة زمنية أطول لدراسة باقي المواد في الجامعة التي انتقل إليها لاستكمال متطلبات التخصص، علاوةً على رفع مستوى التأهيل للطلاب الخريجين من حيث جودة المخرجات الأكاديمية لديهم بما يُسهم في إمكانية استكمال الدراسات العليا أو استقطابهم للعمل في المؤسسات المختلفة.
ختاماً: الأمل معقود على وزارة التعليم عبر مجلسها الموقر بدراسة الموضوع دراسة وافيه واتخاذ ما تراه مناسباً على غرار التعليم العام الذي يَتَّسِم بوحدة المقرر بكافة موضوعاته دون أن تُغرِّد كل جامعة خارج سرب الأخرى في النهج والمنهج.
التعليقات