الجمعة ١٣ يونيو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو الحجة ١٤٤٦ هـ

أثر الرعي والاحتطاب على النظام البيئي! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

أثر الرعي والاحتطاب على النظام البيئي! –  بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

الرعي حرفة قديمة اشتهرت بها البوادي والقرى والأرياف إلى عهد قريب لتوفير الثروة الغذائية من اللحوم المحلية باعتبار تلك الحرف هي مهنة الآباء والأجداد حيث اعتادوا عليها ورُبَّما لا يجيدون غيرها، بالإضافة لحرفة الزراعة، كانت نواتج المحاصيل الزراعية توفر الأمن الغذائي جنباً إلى جنب مع حرفة الرعي.

شهدت الأسواق المحلية ارتفاعاً في أسعار المواشي هذا العام كما في الأعوام السابقة، فالأضاحي تتفاوت أسعارها بين 1500- 2500 ريال للأضحية الواحدة حسب النوع والحجم، في ظل عزوف رعاة الأغنام عن العودة لهذه الحرفة نظراً لعدم توفر المراعي المتاحة، وارتفاع أسعار الأعلاف، ينشط تجار المواشي على الأثر بالاستيراد من خارج البلاد رغم أن المستورد لا يفي بالغرض المقصود من حيث الطعم والمذاق وإن كانت أسعاره في متناول الجميع.

يتداول بعض العامة أن للرعي تأثير سلبي على النظام البيئي عن طريق رعي الأعشاب البرية التي تُشكِّل الغطاء الأخضر بعد سقوط الأمطار؛ من منظور علمي بحت هذا الرأي لا تدعمه الأبحاث العلمية، وفي ضوء الاختصاص في علم النبات والخبرة والتراكمية لعقود من الزمن في هذا المجال فإن للرعي فوائد عديدة سوف نذكرها في هذا المقال.

الأعشاب والحشائش الخضراء التي تتناولها الماشية هي نباتات موسمية تظهر على سطح الأرض بعد سقوط الأمطار، تجف وتختفي بعد ثلاثة أشهر من ظهورها، تعود مرة أخرى لتظهر من جديد بعد سقوط الأمطار مباشرة؛ من فوائد الرعي إعادة تنشيط المجموع الجذري للنباتات الرعوية التي تتناولها الماشية لينمو المجموع الخضري من جديد في فترة أقل من ثلاثة أشهر وهي الفترة التي تكون فيها التربة مبللة بالماء حيث تكون الرطوبة كافية لكي تعود فتنمو.

في ذات السياق تقوم الحيوانات الرعوية بنقل حبوب اللقاح والبذور التي تتساقط من مكان لآخر عبر شعر الصوف والمخلفات الصلبة، هذا يزيد من كثافة الأعشاب والحشائش والشجيرات والأشجار، علاوةً على النواتج الإخراجية التي تعمل على توفير السماد العضوي حول الأشجار والحشائش باختلاطها مع التربة مما يؤدي إلى نمو وازدهار النباتات والأعشاب بكثافة عالية.

ما سبق يدعونا للعودة لذوي الاختصاص في مجال علم البيئة النباتية للاستفادة من مؤلفاتهم لبحث المشكلات الخاصة بالعزوف عن الرعي ودراسة الأسباب والبواعث، وبحث إيجابيات الرعي ودوره في زيادة المسطحات الخضراء للنظام البيئي.

أما الاحتطاب الجائر فهو قطع الأشجار الخضراء بهدف الاستفادة منها، هذا النوع من الاحتطاب خطر يهدد النظام البيئي دون أدنى شك كون الأشجار تستغرق زمنا طويلاً في نموها، مثل هذا السلوك يستدعي مصادرة الحطب المنقول مع وسيلة النقل وفرض غرامات بحق المخالفين وهو النظام السائد حتى اليوم لدى الجهات المختصة.

ولكون الشيء بالشيء يذكر فالأشجار المعمرة كالعرعر والطلح على سبيل المثال لا الحصر تجف وتتحطم لعدة أسباب منها الجفاف، وعامل العمر، والتعرض للصواعق والأمطار والرياح، عندما تترك في الغابات دون الاستفادة منها تُشكِّل عوائق للطرقات، وتشتعل فيها الحرائق بسهولة لتقضي على باقي الشجيرات و الأشجار المحيطة بها، علاوةً على التشوه البصري في المنتزهات.

ختاماً: من الضروري تشكيل فريق في كافة المناطق من الجهات ذات الاختصاص للنظر بشأن الحطب الناجم عن الأشجار التالفة بالغابات ونقله إلى مستودعات خاصة وتسويقه للمستهلكين بشكل مقنن في
الأسواق المحلية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *