الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٣ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الميليشيات والتخادم الغربي! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

الميليشيات والتخادم الغربي! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

الإرادة الإلهية جعلت من الشرق الأوسط ميداناً لاشتعال الحروب واللعب بالنار لأكثر من سبعين عاماً مضت، فمن الاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين، إلى حرب الثمان سنوات بين العراق وجارتها إيران، وحصار القوى الغربية للعراق واحتلاله وتخريب أرضه وتدميره، ثم تسليم عهدة الخراب والدمار لإيران من جديد؛ قطعاً…هذا التخادم بين المشروعين لا يزال مستمراً وفق مخطط بدأ منذ احتلال العراق ولم تنتهي فصوله حتى الآن.

يُخطئ من يعتقد أو يظن وجود عداء بين الكيانات الثلاثة ( الغربي، الصهيوني، الفارسي )، فمن يُعلن على الملأ مبتهجاً باحتلال بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ويُهدِّد ما تبقى من بلاد العرب باحتلال أرضها لقيام “الإمبراطورية الفارسية” هو أشد خطراً من الكيانات الأخرى التي تهدف لاستنزاف طاقات المنطقة مادياً، وإقامة “إسرائيل الكبرى” من النيل للفرات.

الهُتافات والضجيج التي ينتهجه الرُّعَاع والدَّهماء والعامَّة الذين يدينون بالولاء المطلق لأحزابهم وميليشياتهم جاعلين من النصر والأنصار والفيالق عناوين لهم باللافتات في الضاحية وصنعاء وبغداد، استطاعت من خلالها زعامات تلك الميليشيات بالتربية العقدية الرُّوحية جلب المزيد من الأتباع لاعتناق هذا المنهج، ليس فقط في منح الولاء، بل بالتضحية بالنفس أحياناً عندما يتطلب الموقف، يبدو ذلك جلياً في العمليات التي تجري حالياً في البحر الأحمر وبلاد الشام والعراق.

اللافت للنظر أنَّ الدم العربي هو من ينزف لتنفيذ أجندات فارسية دون أن يُراق قطرة دم واحدة من الكيان المؤسس. تلك الميليشيات لا تبني الأوطان، ولا تكترث بالدماء التي تُراق، ولا الأنفس التي تُزهق، فقد جعلت أوطانها وشعوبها ميداناً للتجارب لكل أنواع الأسلحة الفتاكة، فالبحار التي تُنتهك، والبنيان الذي يتهدَّم، والدِّماء التي تُسفك، كلها ماءً وأرضاً وأنفساً عربية.

كانت جماعة الحوثي في عهد ترمب على قائمة الإرهاب، وألغى بايدن هذا التصنيف، ثم أعادت الإدارة الأمريكية الحالية تصنيف الجماعة على نفس القائمة ليس فورياً…إنَّما بالتقسيط (لمدة شهر)؛ هذا في حد ذاته يُثير التساؤل عمَّا إذا كان هناك عداء خفي حقيقي ؟. أم أنَّه لا يتعدى الظاهر بالإعلان عن العداء بين الجانبين لا غير ؟.

التخادم بين ايران وأذرعها والغرب هو السمة الظاهرة، وما يحدث من مناوشات بحرية وقذائف غير مرئية ولا مُصورَّة ولا تُصيب هدفها رغم قرب القواعد في دول الجوار بالقرن الأفريقي يشي بوجود هذا التخادم.

في ذات السياق، التعاون الوثيق بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي ظاهراً للعيان ولا يخفى على أحد؛ فوجود الميليشيات الصفوية في العراق وسوريا كانت نتيجته مأساوية بالقضاء على مئات الآلاف، وتشريد الملايين من البشر، بمباركة من جارتها إسرائيل التي تزعم العداء معها، هذا العداء ليس صحيحاً، فقواعد تلك الميليشيات بالجوار على مرمى حجر في لبنان وسوريا، وكلاهما برداً وسلاماً على الآخر.

الأهداف التي تسعى لها كل الأطراف ( الغربية، الصهيونية، الفارسية ) هي أهداف مشتركة، تتفق كثيراً، وتختلف أحياناً، باعتبار المصلحة الراجحة لكل طرف، فالغرب يهتم بالمصالح المادية دون النظر للهوية، في حين ينظر الفرس للتوسع الجغرافي أولاً، والقضاء على العِرق العربي لاعتبارات تاريخية ثانياً.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *