الأربعاء ٣٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٣ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

تهامة عسير والسياحة الغائبة! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

تهامة عسير والسياحة الغائبة! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

مغامر سعودي يستكشف بطائرته الخاصة جواهر السياحة في عسير من خلال تصوير جبال بركانية ملونة، هذا العنوان يكشف الجزء الناصع من بلادنا والمغمور في الوقت ذاته، فعندما تنتقل من عسير التي اشتهرت بمنتزهات السودة ودلغان في سراتها للقطاع التهامي في جهة الساحل يظهر لك الجزء الآخر المغمور الذي نود الإشارة إليه، فزيارة واحدة للقطاع الساحلي في منطقة عسير على امتداد ساحل البحر الأحمر لاسيما في هذه الأيام التي يعتدل فيها الطقس ويكون دافئاً يشعر فيها الزائر بالأسى تارةً وبالبهجة والسرور تارةً أخرى.

أقول يشعر الزائر بالبهجة والسرور عندما يُشاهد الجهود المباركة من الجهات ذات العلاقة لا سيما قطاع النقل والبلديات، حيث الطرق الواسعة الحديثة ذات المسارات الخمسة في كل اتجاه في مدينة “عمق” على سبيل المثال لا الحصر، فالعابر لذلك الطريق يشعر بالفخر ويدعو للقائمين على هذا المشروع الجبَّار بالمزيد من التوفيق والسداد على عملهم الدؤوب، وما كان لهذا المشروع أن يكون لولا توجيهات ومتابعة سمو أمير منطقة عسير – حفظه الله – التي كان لها أبلغ الأثر في تنفيذ ذلك المشروع المتميز.

ويشعر الزائر بالأسى عندما يشاهد قطاع الساحل في منطقة عسير قد غابت عنه عدسة الإعلام رغم ما يحويه من معالم أثرية وجو عليل وتضاريس طبيعية ليس لها مثيل في كل قارات العالم، ناهيك عن كثرة أشجار الدوم والشجيرات التي تنتشر على امتداد الساحل وتتوغل شرقاً بين الجبال البكر التي لم تصل إليها أقدام البشر ولم تستكشف حتى اليوم.

وعلى الرغم من اعتدل الأجواء في عسير بالقطاع الساحلي نرى الغياب الكامل للسائحين والمتنزهين، ليس فقط من المواطنين والمقيمين فحسب، بل حتى من السائحين القادمين من خارج البلاد، وهو ما يجعل وزارة السياحة أمام مسئولياتها بالبحث عن أسباب هذا الغياب وإيجاد الحلول؛ فأماكن ساحلية أخرى في عالمنا العربي تشبه في أجوائها قطاع الساحل في منطقة عسير تعُج بالسائحين هذه الأيام من كل بلاد الدنيا في مصر والمغرب وتونس وغيرها، وهذا يدعونا للتفكير في توفير البنية التحتية السياحية الضرورية (فنادق، مطاعم، فعاليات، مغامرات، وسائل نقل، مرشدين سياحيين، الخ).

إنَّ وجود محمية طبيعية للحيوانات شرق مدينتي البرك وعمق تُستقطب فيها الحيوانات المناسبة كالأسود والنمور والذئاب والزراف والفيلة وغيرها من الحيوانات الأخرى التي تعيش في ظروف بيئية مماثلة والترويج لها عالمياً سوف يكون عاملاً محفِّزاً لتشجيع السائحين للقدوم من خارج البلاد الذين تستهويهم حياة البراري والمغامرات لدراسة سلوك هذه الحيوانات، وأيضاً سوف يوفِّر لوزارة السياحة فرصة لاستثمار هذه المحمية من الناحية الاقتصادية من خلال رسوم دخول للمحمية للقيام بالنشاطات البيئية؛ ويُقترح نقل بعض الحيوانات السائبة أو المؤذية التي تستوطن جبال السروات إلى البيئة الجديدة المستحدثة أو حتى الحيوانات التي يتم إطلاقها من الهيئة العامة للحياة الفطرية لكي توفر الغذاء الطبيعي للحيوانات المفترسة التي تستوطن هذه المحمية في المستقبل.

تجدر الإشارة إلى أنَّ قرب التحلية في محطة الشقيق سوف يُوفِّر المياه العذبة للمحمية عندما يتم إيصالها لتُشكِّل نافورة في أعلى قمة أحد الجبال داخل المحمية المربعة الشكل في مساحة تُقدَّر بـ 25 كيلو متر مربع، هذه النافورة في حد ذاتها تُعد أنموذجاً رائعاً للمحميات ليس له مثيل بحيث تنساب المياه من أعلى الجبل لتشكل جداول صغيرة تنمو على ضفافها الأعشاب التي سوف تتغذى عليها الحيوانات العاشبة لتكوين نظام بيئي متكامل، ويمكن عمل خزانات واسعة لحفظ المياه في محيط المحمية لإعادة ضخ المياه المتدفقة للمحمية مرةً أخرى.

أما خارج المحمية فيستدعي توفير سيارات النقل الرباعي التي تتوفر بها الحماية الكافية من المفترسات للدخول للمحمية للقيام برحلة سفاري لعدد من الساعات، وهذا يتطلب إنشاء عدد من المطاعم والكافيهات وفنادق للإقامة بين المحمية من جهة وساحل البحر الأحمر من جهة أخرى. فالمسارعة بإنشاء مشاريع المحميات الطبيعية أحد أبرز مقومات السياحة في كل البلاد التي جعلت من السياحة رافد اقتصادي لدعم الموارد المالية للدولة.

ختاماً: قيام الإعلام السياحي بدوره مطلب تقتضيه الضرورة إذا ما أردنا التسويق للاستثمار في السياحة بشكل عام، أو التعريف بالسياحة الشتوية الساحلية على غرار السياحة الصيفية التي تميزت بها عسير والباحة والطائف بشكل خاص، فبلادنا تزخر بالمعالم السياحية التي لم تظهر للسطح ولم ترى النور حتى اليوم، وهو ما نود الإشارة إليه لعلنا نُسلِّط الضوء على بعض هذه المعالم والتنويه بشأنها للمسؤولين لنرتقي بقطاع السياحة إلى العالمية بمشيئة الله تعالى.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *