الخميس ١ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الطيران منخفض التكلفة محرك للنمو – بقلم الكاتب أ. احمد علي الشهري

الطيران منخفض التكلفة محرك للنمو – بقلم الكاتب أ. احمد علي الشهري

 

في العقود الأخيرة، شهدنا ظهور وتألق الطيران منخفض التكلفة، حيث أصبحت هذه الشركات ركيزة أساسية في تحريك عجلة النقل الجوي العالمي. ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع الطيران التقليدي، إلا أن الشركات منخفضة التكلفة استطاعت أن تحقق نجاحات باهرة وتحول التحديات إلى فرص.

تخيل أنك تستطيع السفر إلى وجهة سياحية بمبلغ 100 دولار فقط، وخلال رحلتك تنفق أضعاف قيمة التذكرة في إقامة قصيرة وتسوق وترفيه، ولا سيما من السياح الأكثر إنفاقا، مثل: دول الخليج، اليابان، والدول ذات الدخل المرتفع.

هذا يعني أن العائد الاقتصادي للوجهة التي وصل إليها السائح أكبر بكثير من العائد التجاري لشركة الطيران نفسها. وهذا يبرز القيمة الحقيقية للطيران منخفض التكلفة من المنظور الاقتصادي.

هذه الشركات لم تقتصر فقط على تقديم خدمات نقل جوي بتكلفة منخفضة، بل أثرت كثيرا في هيكلة صناعة الطيران ورفعت مستوى التنافس فيما بينها، ولا سيما الشركات الكبيرة التي تتحمل عبئا ماليا كبيرا في التشغيل، حيث أدى إلى تحسن أداء الشركات التقليدية عبر تفكيك التكاليف للوصول إلى أسعار منافسة أو تقليص فجوة الخسائر في أقل تقدير.

في هذا السياق، يبرز الدور الاقتصادي الكبير الذي يلعبه الطيران منخفض التكلفة، حيث أصبح عاملا محفزا للنمو الاقتصادي للدول، خصوصا في القطاع السياحي، فهو يسهل حركة المسافرين ويوفر لهم فرصا لاستكشاف وجهات جديدة بتكلفة مناسبة، ويحفز المستثمرين على زيادة الاستثمار في المناطق التي يقصدها السياح الجدد. بمعنى آخر، يشجع مزيدا من الأشخاص على السفر، وبالتالي يزيد معدل نمو المسافرين ويكسب قطاع السفر العالمي فئات جديدة ذات تفاوت وتباين في الدخل لم تكن ضمن مستهدفات قطاع الطيران.

اللافت في الأمر، ومن المنظور الاقتصادي، أن شركات كبرى فشلت في إطلاق طيران اقتصادي ناجح، وتعد صناعة لا يجيدها إلا القليل، وأوروبا هي الأفضل في تسيير الطيران منخفض التكلفة، مثل: Ryanair وeasyJet وWizz Air رغم وجود منافسين من آسيا وأمريكا.

الطيران منخفض التكلفة كان يستهدف المسافات القصيرة، لكنه اليوم يقدم خدماته لمسافات أطول، ولعل تحرير سوق النقل الجوي الأوروبية كان من أهم عوامل نجاح الأوروبيين، حيث إنهم نجحوا في تفكيك أسعار التذاكر ومفاوضة شركات تصنيع الطائرات وإدارة المطارات، وتحولت بعض المطارات إلى قاعدة لشركات الطيران المنخفض، التي بدورها رفعت من إيرادات المطارات بسبب كثرة المسافرين، أي أن حركة المسافرين تغيرت كذلك.

في الختام، السفر السهل يشجع التبادل الثقافي بين الدول في جوانب القوة الناعمة، لكن التساؤل يتجدد: هل ستستثمر الحكومات بشكل صريح أو تبتكر نموذجا ضريبيا لتمويل الطيران منخفض التكلفة باعتباره أحد محركات النمو الواعدة، خاصة في تعزيز السياحة، مع الأخذ في الحسبان العائد الاقتصادي الكبير الذي يمكن أن يحققه هذا النوع من الطيران لحساب المدن التي يصل إليها؟

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *