إن من بيننا فيئة قليلة اطال الله في اعمارهم إذ علم في قلوبهم واعمالهم – خير ان شاء الله – في الحديث ( من اراد أن ينسأ له في أثره ويبارك له في عمره فليصل رحمه) تلك سُنة لله في خلقه ماضية ولقد تتبعت بعض كبار السن فوجدتهم كذلك ممن يصلون الرحم ويعينون على نوائب الدهر ، من كان له في الدار شمعة مضيئه فليداري ذلك الوميض المتبقي منها..
انها تقضي “ربما ” أيامها الأخيرة
وإن بركة الدار اما او ابا أو جد أو جدة”
هم بقية الأولين و بقية الصالحين لاشك،
إن صوت العكاز بركة ،
ذلك العكاز الذي أصبح أكثر طرقاً له حين يتجه للمواضي و للمصلى
فكأنه يقرع ابواب الجنان وهو كذلك
لأنك لاتسمع طقطقات تنقل العصا وحسب بل تسمع معها ذكر الله كثيرا بين تسبيح وتهليل و حمد وشكر وثناء على الله ودعاء لأهل البيت
ثم ماتلبث أن ترا لمعات قطرات الوضوء فيه تقطر من لحية الرجل الوقور و تلمع على رأس الكهلة الطيبة
يفوح مع تلك الجولات عطر الذكر ،وعطر السيرة العطرة
وعطر دعوات تتنزل رحمات وبركات وصلوات وعطر مسك وعنبر ومخلط الهدايا و القربات،
فهنيئا لبيت به كبير سن،
كيف لا ؟وقد قدّرهم الله رب العالمين
فقال تعالي ( وبالوالدين إحسانا )
وقال جلَّ شأنه سبحانه (فإما يبلغن عندك الكبر احدهما أو كليهما فلا تقل لهما افٍ ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) رب ارحمهما كما ربياني صغيرا وأكثر وأكثر وأكثر..
يقول شوقي .. فاذا رحمت فأنت ام أو اب .. هذان في الدنيا هما الرحماء
اللهم صل وسلم على رسول الله.. ففي الحديث قال ( رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدُهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم.
بيت به كبير سن هو بيت كخلية نحل لاينفك من الزوار ومن تكرار تحية الإسلام ومن جميل الدعاء وقهقهات الذكريات ورائحة الريحان والحناء تلك التي في كف امي وقدميها فديت القدم الذي يخشخش في الجنة وهو بيننا ،
يال رحمة الله التي اوجدها فطرة في قلوب البشر لهولاءالإجلاء ،
طبتم يا اسباب الجنة واسباب البركة
طبتم وطابت حياتكم
يااصحاب الحناجر الذاكرة كثيرا
واصحاب الذاكرة الخبيرة واصحاب “بنك” الخبرات والتجارب، طبتم وطابت عصيكم التي تتوكأون عليها ومسابحكم التي تصفق كل حبة باختها تقبل بعضها تعلن عن أجمل تلك القبلات في انغام اصوات القبلاتولا أنسى أجمل منظر لذلك الحفيد وهو يعجب ويحدق في شيخ وقور ثم يضمه ويقبل منه كل شيء وكأنه يقول انتبهوا لهذه الكنوز ؛ من كان له كبار سن هنيئا لكم تلك البركات وأقول ..
كونوا بقربهم وتلمسوا حوائجهم
ثم “انكشوا”أو انبشوا الذاكرة القديمة لديهم
خذوا منها القصص والشعر والتجارب
دونوا منها كل جميل
اخبروهم بذلك شاركوهم بعض اعمالكم فذلك بر وليس عقوق كما يروج له، قربوا لهم محبوباتهم من الأعمال، استشيروهم في بعض شؤنكم
انيروا دروبكم بنورهم وبعلمهم و بما يكتنزونه من كنوز ،
فحيا هلا يامرحبا يا كبارنا
كبرتم ومازلتم علينا كما المطر
وفي كلمة متداولة مأثورة اقول ”عليكم الحيا “، وسقى الله ايامكم وارواحكم بما الهناء والرحمة و البركات
وطيب الله تلك الأرواح والأجساد و السيّر
يابقية الأولين ونور الدروب والبيوت والقلوب
* إضاءة ”ورحمة ربك خير مما يجمعون “
دمتم بخير
التعليقات