قصة خيالية للعبرة … يحكى أن إبليس أراد الرحيل من مكان كان يقيم فيه مع أبنائه، فرأى أحد أبنائه خيمة في الجوار فقال لا أُغادرن هذا المكان حتى أفعلن بهم الأعاجيب. فذهب ذلك الشيطان الصغير إلى الخيمة فوجد بقرة مربوطة بوتد، ووجد امرأة تحلبها، فقام وحرك الوتد، فخافت البقرة وهاجت، فاندلق الحليب على الأرض، ودهست البقرة ولد المرأة الذى كان إلى جوارها وهى تحلبها فقتلته دهسًا.. غضبت المرأة غضبا شديدا فدفعت البقرة بقوة وضربتها بشدة وطعنتها بالسكين طعنا مميتا حتى سقطت البقرة على الأرض وماتت. فلما جاء زوجها ورأى طفله والبقرة ميتان، تملكه الغضب فضرب زوجته وطلقها، فلما علم قوم المرأة بما حل بها ذهبوا إليه وضربوه لضربه ابنتهم، فجاء قوم الرجل واشتبكوا مع أقارب المرأة ونشب بينهم عراك شديد كادت أن تصل نتائجه إلى أمر غير محمود.. تعجب إبليس من ذلك الصنيع فسأل ولده ويحك ما الذي فعلت؟ فقال ذلك الشيطان الصغير: لا شيء ( انما حركت الوتد ) .
العبرة من هذه القصة .. هكذا يفعل البعض من الناس سواء عن قصد منه أو عن غير قصد، فتراه فقط يلقي بكليمات هنا أو هناك أو يهمس بها بأذن أحدهما وهو لا يقّدِر ما يمكن أن تفعله تلك الكليمات من الأعاجيب، فقد تقلب الأحوال رأسا على عقب، وقد تسبب أشنع الخلافات، وقد تشعل أسوأ المشاكل وتقطع الأرحام وتشحن الأجواء وتخطف الفرحة وتقضي على البهجة وتكسر القلوب، والفاعل يظن أنه لم يفعل شيئا. فلنحذر من الكلمة فإنها قد تكون رصاصة مدمرة للحياة، وللسعادة، وللأمل، وللفرحة، محطمة للروح كاسرة للقلوب. وقد تكون بشارة معمرة، تنعش الروح، وتجبر الكسر، وتمسح الدموع، وتبعث الأمل في القلوب المحطمة.
فلنكن على حذر من كلماتنا فإنها سلاحٌ قويٌّ ومُدمِّر يمكن أن تكون أشد فتكا وتدميراً للعلاقات وتشكيل وجدان الناس، لما لها من قدرة على نقل الأفكار وإثارة العواطف.. فيجب ان نكون حذرين وواعين لتأثير الكلمات على الآخرين، ولنسع لاستخدامها بحذر وتفهم. وليكن استخدامنا للكلمة للبناء والعمار، وأن نتذكر أن قوة الكلمة تأتي مع مسؤولية كبيرة. فنحن المسؤولون عن استخدامها فلنراعي ان يكون ذلك بشكل ذكي وفعّال، وأن يكون استخدامنا للكلمات متوجهاً لبناء عالم أفضل وأكثر تفاهمًا وسلامًا، حيث تصبح الكلمة سبيلًا لنشر الخير والأمل… واحذر فرب كلمة قالت لصاحبها “دعني”.
التعليقات