صحيفة النماص اليوم :
تفصح أعمال الفنان «رائد الأحمري» الفنية عن ترجمة ومعادل موازي لشخصيته، والإفصاح الفطري لمفاهيمه الباطنية، التي تنبثق من تأمل الطبيعة كأعمال تأملية تجريدية مستوحاة من تراكيب الطبيعة، كأطروحات فنية ذات أسلوبية حداثية وحضور متمايز لفنان حالم يدشن عوالم لونية إيقاعية، لتفيض بطاقات شعورية أثراها التجريب المستمر، لتدشين تكوينات متحررة حيوية فاعلة، تحتفي بدينامية التعبير، لتشكل حالة ملهمة تدفع نحو استثارة مخيلة الجمهور. لتنطلق مفهومية أعماله الفنية نحو دمج الطبيعة الخارجية بالطبيعة الجوانية للذات عبر عوالمه النفسية، والتي تنصهر مع عناصر الطبيعة، لتصطبغ أعماله بدرجات من الاختزال والتخيل التجريدي والترميز تؤكدها حلول المساحات والكتل والخطوط والملامس والطبقات اللونية، التي تلعب أبعادا درامية وبصرية تدفع بأحاسيس أسطورية، تعلو بالفكرة إلى الأسلوب التجريدي. لتعكس بذلك أعماله الفنية تصوره وعالمه الخاص بالتراكيب والمعالجات اللونية الثرية بالتناغم في علاقات الشكل، والبحث نحو إيجاد صياغة للعلاقة بين المساحات والكتل والأشكال المرمزة على سطح الأعمال الفنية، والتي ميزت إبداعه الفني. وشكلت تجارب «رائد الأحمري» قالبا فنيا مغايرا، ومحفزاً لإثارة الاتجاه المفهومي في الفن البصري المعاصر، بما اشتملت عليه من تكوينات حداثية فكرية تنحو عن الطرق والمعالجات الفراغية التقليدية، وتؤسس مساراً عضوياً يحمل معه قيمة رمزية شمولية مكثفة تتعايش فيها العناصر بقيمها الفنية، وتكون عاملاً مؤثراً في إدراك المشاهد وتفعيل مدركاته الحسية تجاه الرسالة التعبيرية والترميزية، في ديناميكية وتوازن متناغم يجمع بين «الأشكال والكتل المتقاربة» والتي غلفها ببعد تعبيري باستخدام ضربات الفرشاة والسكين، في تدليل على علاقة عميقة بين الفنان وموضوعه، ويترجم المتلقي تلك الكتل والتراكيب من خلال رؤيته ومدركاته وثقافته، وفك شفرات تلك التراكيب البنائية وفلسفتها. وتسطير لغة فنية حداثية تتشكل عبر توظيف مساحات وكتل لونية سيمفونية على أسطح الأعمال بما يتسق وفق رؤية وفهم منضبط للمعنى الدلالي البصري لكل لون، مدعومة بالثراء اللوني، والخصوصية اللونية التي تتسق مع الاسترسال في تعميق المفهوم.
التعليقات