السبت ٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

صدريد.. “كيف تغيرت” – بقلم الشيخ مشرف عبدالله بن سكوت

صدريد.. “كيف تغيرت” –  بقلم الشيخ مشرف عبدالله بن سكوت

 

” الله الله كيف تغير ( صدريد .. مثال فقط ) أصبح  كله بيوت عمائر تُبنى ثم تُهجر ” .

لا عجب لو استوقفتنا ” قبلة ” بهذه الأسطر لتُبكينا بها  على الاطلال وتستمطر بها مزنة الذكريات فهذا فن المرءاة  ” لاطاقة لنا به ”  فما مررت بالقرى القديمة والمزارع التي بادت بعد أن كانت.  الا تجاذبت شطراً للخنساء  ” أم ذرفت اذا خلت من أهلها الدارُ “

عادت بنا ” قبلة ” لأكثر من سبعين عاما تدق النواقيس وتنبش في رفات الذكريات، وكأنها قد لبسة ثوب الحداد على كهولة من تفانت اعوامهم وزهرة شبابهم في حرث تلك المزارع وحصدها وبناء الثمايل وتسنيع السواقي والميرات وما أحدودبت ظهورهم ألا من الييز و المحفره والشبنه .
“دعني أمتع بالتذكر خطرتي .. وعلى الطلول أمتع النظراتِ
زمنٌ تولى من ربيـــع حياتنا ..  في ظله ما اجمل الأوقـاتِ “

وأن كان الحنين لتلك الأيام ومامضت به يستبكينا جميعا كل ما ذكرناها وقد يعتب علينا هذا الجيل فمجالسنا تضج بالحديث عنها وما انطوت به من عناء وتعب وشقاء ومكابده لسد الجوع والقيام بفرض أو نوبه واكرام ضيف من عدم وحذاري أن يلحقك منقود في اضاعة حق او كسر عرف وكأن الناس مستنسخة من بعضها في ذلك العصر لألتزامهم بعادتهم وتقاليدهم وأعرافهم كيف ماكانت الظروف .

يا ” قبله ” يقولون ” الله لا يعيد عسر ” أين اليوم من الأمس

اين السيارة من الجمل ؟
أين العليه من اطلالة الشرف في الدور الرابع او الخامس ؟
أين اللمبة والفانوس من شمس الكهرباء التي ساوت ليل الأشعاف بنهارها ؟
وماهو مردود أقل الوظائف دخلا مقارنة مع مايجينه من كان يوصف بـ ” البلّاد “

ثم أنقضت تلك السنون وأهلها .. فكأنها وأكنهم أحلامُ
وهكذا هو الزمان وهذا حاله وتقلباته ” فلا حزنُ يدوم ولا سرورُ .. ولا عسراً عليك ولا رخاءُ “

سأخذ بيدك وأشد على عضدك في الدعوة لاحياء القرى والمدن الريفية ومحاربة الهجرة ” الجائرة ”  وكأن هذه المناطق قد اصبحت غير صالحه للعيش رغم كل ماهيئته لنا دولتنا الغاليه من مقومات لاحياء المدن الريفية والقرى والحث على أحياء مهن كالزراعة ورعي الماشية، وأرى انه منبر سانح لأشط بقلمي قليلاً وأسرد بعض مسميات الماضي التي لا أرى أنها بمنأى عن عاصفة المتغيرات التي اجتاحت كل شئ.

واتلهم زمان فات محلا تلهامه.
اتلهم اتذكر ماحلى تلهامه ماجمل تذكره
” صدريد لامثله ولامصر حوله ” 
كل منطقتنا صدريد وما أدراك ماصدريد
ظل وارف وماء رقراق وشمس منيرة وقمر ساطع.

غيول رقراقة واودية بها الغيل جاري والطير يغرد في الجبل والوادي والمزرعة والسفح.
اغنام فرعاة فثور فرجال يحرثون ومحش فنساء يصرمون وفاس ومسحاة وشرفية فرجال يقطعون ويتعبون.
صرام فتجد الناس يتشعوطون خريف فتجد الناس يتغملون.
الغرب او الغروب جمعا فيها مسميات عجيبه العراق يقال العرقاه، الغفره، الثقل والشتيت.

وهل يعرفها شباب اليوم ؟
عمل دأوب من الفجر حتى الغروب
احدهم يغني على رجم عال. واحداهن تحمل نفسها ربطة كبيرة من الحطب والاخرى تحمل حزمة من العلف ( الحشيش ) والاخرى تحمل قربة الماء تسقى دار اهلها
بيت كخلية النحل كل له عمل بلا توقف.
ويأتي المساء وكل بحاجة الى راحة فينم نومة مريحه.
ودقت على ناقوس الذكرى.

 

التعليقات

4 تعليقات على "صدريد.. “كيف تغيرت” – بقلم الشيخ مشرف عبدالله بن سكوت"

  1. سلمت اناملك وحروفك الصادقه وفكرك المنير العبقري والمخضرم ياايها المعلم الفذ وصاحب الرؤيه والرويه دائما متميز ومجالستك مكسب للجميع حكيم راقي في تعاملك ومتزن في حديثك لا يمل السامع من كلامك ولازال طلابك يحبونك منذ ٤٠ عام مضت واليوم تعود الذاكره لتقرأ حروف مضى عليها عقود باسلوب جميل يحمل في طياته سيمفونيه تطرب المشاعر وتلامس ذائقة وإحساس القارئ.اجمل تحيه لاستاذي الشيخ مشرف بن سكوت

  2. كلام جميل وتصوير رائع لما كانت عليه الاحوال في تلك الحقب التي لمن عاشها جميلة وما جملها إلا. سن الشباب واعترف بإني سريت مع ماقلت لأكثر من اربعين عام من الماضي

  3. الحديث ذو شجون وقد أحسنت أيها الشيخ المبارك والأستاذ الفاضل تناول أطراف الماضي الجميل وخاصة المسميات والحرف التي كانت فيه وكذلك بعض الصور البلاغية والألوان البديعية التي طرزت بها مقالك وقد أجدت كعادتك متحدثا ومعلماً ومثقفاً وشاهداً على العصر
    أما من حيث الأفكار فالماضي جميل لذاته جميل عندما نتذكر أيامه و لياليه وشهوره وسنينه والأحداث التي عشناها فيه وليس جميلاً لكي نعيد دولاب الزمان للوراء ونعيش ذلك الماضي في وقتنا الحاضر فالماضي له معطيات وللحاضر معطياته ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعيش الماضي في ثنايا الحاضر نحن للماضي ونحبه لأننا عشناه ولاخوف منه بعكس الحاضر والمستقبل الذي لا ندري ماذا ينتظرنا فيه فنحن على تخوف منه وتوجس وهذا طبيعة الإنسان
    وكما قيل لكل زمان دولة ورجال وهذه من سنن الله في دورة الحياة ومن يقاوم التغيير خسر الرهان لأن كل شيء حولك يتغير بل أن حاضرنا اليوم في الغد سيكون ماض يُتغنى به ويُبكى على أطلاله وعلى العموم تبقى جميع وجهات النظر محترمة ومقبولة

  4. مقال اختصر الزمن بين الماضي والحاضر شكرا اباعوض والشكر لكل مهتم بتراث مملكتنا الحبيبة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *