الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

مخاطر تصدير الدولار – بقلم الكاتب أ. أحمد علي الشهري

مخاطر تصدير الدولار  – بقلم الكاتب أ. أحمد علي الشهري

 

بينما يوجد قدر كبير من الدعم في معظم الاقتصادات المتقدمة، إلا أن الحكومة الأمريكية أعلنت، خلال الأسبوع الماضي، ضخ 1.9 تريليون دولار إضافية، لإنعاش الاقتصاد، وتضمنت عمليات التحفيز شيكات وتحويلات مصرفية إلى الحسابات الجارية للأسر، تصل قيمتها إلى 1400 دولار لكل دافع ضريبة يقل دخله السنوي عن 75 ألف دولار، أو 150 ألف دولار للأزواج، إضافة إلى الاستمرار في تمديد مساعدات العاطلين عن العمل، التي ستؤثر في 18 مليون شخص، و11.4 مليون كانوا على وشك فقدان مميزاتهم الوظيفية، وهناك معونات رعاية للأطفال تقدر بـ 39 مليار دولار، ومساعدات طارئة لدفع الإيجارات للأسر، وفواتير خدمات متأخرة السداد، ومساعدات تقدر بـ 350 مليار دولار لمصلحة المدارس والحكومات الفيدرالية.

نلاحظ من خلال حزمة الدعم أنها تركز على قطاع الأسر، بخلاف الدعم السابق الذي كان يركز على الشركات والأسواق المالية. ورغم ذلك ستنال الشركات المتضررة بشدة من أزمة كوفيد، دعما طارئا فمثلا قطاع المطاعم وحده سيحصل على 28.6 مليار دولار. وبحسب تصريحات الرئيس الأمريكي بايدن، فإن 85 في المائة من قطاع الأسر سيتلقى مساعدات، وهذا الأمر يعطينا مؤشرا على عمق الأزمة التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي حاليا، وتأتي كل تلك الحزم الضخمة في محاولة اقتصادية لهزيمة الانكماش الاقتصادي، من خلال السياسات المالية، وعبر كثافة الإنفاق، وإحداث فرق في حياة الناس.

إن عمق الأزمة، التي طالت الاقتصاد الأمريكي، لا يزال يتكشف مع الأيام، وهذا ما جعل صناع السياسات الاقتصادية يدفعون بمزيد الأموال إلى الناس والأسواق دون أي اعتبارات من تصدير مخاطر العرض النقدي للدولار إلى العالم، ولا سيما أن لها تبعات قد تؤثر في سياسات البنوك المركزية عالميا وتسويات الديون وقياس قيمة الوحدات من حقوق السحب الخاصة SDR لدى صندوق النقد الدولي، إضافة إلى تأثير تلك الأموال الأمريكية في تضخم أسعار التجارة الدولية وتكاليف النقل والتأمين.

من المرجح أن الأموال التي سيحققها المستثمرون الدوليون في أسواق المالية الأمريكية، سيتم تصديرها إلى دولهم أو دول أخرى في صورة مكاسب رأسمالية للأسهم، ثم ستستخدم لاحقا في شراء أصول أو أسهم، وكلها ستؤدي إلى تضخم أسعار الأصول المقومة بالدولار عالميا، وسيعاني كثير من الدول تبعات سياسة أمريكا الداخلية في التعامل مع الدولار، إضافة إلى أن مستوى تأثير فرط العرض النقدي داخل أمريكا سيرفع أسعار السلع والأصول الأمريكية.

أعتقد أن الأمريكيين، خلال الأشهر المقبلة، سيرفعون فوائد السندات ذات النطاق الزمني الأعلى من عشرة أعوام، لامتصاص آثار فرط الدولار، وكما لا أستبعد أن يتم رفع نسبة ضريبة الأرباح الرأسمالية على المستثمرين الدوليين عند تحويل المكاسب إلى خارج الاقتصاد الأمريكي. ومن المرجح أن يحدث نمو مزدوج في أسعار النفط بسبب سياسات الدول المصدرة للنفط التي تستهدف كميات إنتاج محدودة لحماية أسعارها، وكذلك بسبب تراجع الدولار.

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *