الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

صيدليات تعاونية – بقلم الكاتب أ. أحمد علي الشهري

صيدليات تعاونية – بقلم الكاتب أ. أحمد علي الشهري

 

تستحوذ الاستهلاكيات التعاونية على 37 في المائة من الحصة السوقية في الدنمارك، ويستحوذ القطاع المصرفي التعاوني الأوروبي على 20 في المائة من السوق المصرفية في أوروبا، كما أن معدل عمر الكيانات التعاونية يتفوق على معدل الشركات التقليدية. أظهرت إحصاءات في بريطانيا أن معدل بقاء التعاونيات بعد أول خمسة أعوام يصل إلى 80 في المائة مقابل أن الشركات التقليدية لا تتخطى 41 في المائة، ومن اللافت أن التعاونيات أكثر مرونة في الأزمات الاقتصادية من الشركات، كما أن البنوك التعاونية أيضا تفوقت على البنوك التقليدية المنافسة لها في أزمة 2007.

أما في الولايات المتحدة فكان معدل فشل التعاونيات المصرفية في أزمة 2007 أقل خمس مرات من البنوك العادية، كما أن معدل بقاء الأعمال التعاونية لمدة خمسة أعوام بلغ 90 في المائة أمام تلاشي فرص نجاة الشركات التقليدية للمدة نفسها. رغم شح البيانات إلا أن بعض الإحصائيات يشير إلى أن حجم أصول التعاونيات عالميا يقدر بـ 22 تريليون دولار وبعوائد سنوية تقدر بثلاثة تريليونات دولار، أي إن قيمة تلك الأصول تبلغ 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي البالغ 88 تريليون دولار لعام 2019.

التعاونيات ما هي إلا شركات ومؤسسات مملوكة بشكل تعاوني من الناحية الاقتصادية، ولعل الاختلاف الجوهري أن التعاونيات تجمع ما بين الربح والقيم، في مقابل أن الشركات التقليدية تهتم بالربح إلى أقصى ما يمكن دون أي اعتبارات خاصة بالقيم الإنسانية، كما أن هناك فرقا آخر أن التعاونيات لا تخضع لسيطرة كبار المساهمين، وفي كلا النموذجين يعد الربح النسبي شرطا لا غنى عنه لضمان الاستدامة.

تشكل مفاهيم الاقتصاد التعاوني مصدر إزعاج للشركات المسيطرة والاحتكارية، في حين يراها صناع السياسات الاقتصادية مؤسسات توازن، ومن أدوات معالجة اختلال التنافسية، كما أنها تسهم في تقليص فجوات تدني حالات عدم المساواة الاقتصادية الناتجة من اختلالات في النظام الاقتصادي، كما أن التعاونيات من الأدوات المساعدة التي قد يستخدمها الاقتصاديون لتحفيز المجتمعات غير المنتجة. ولعل تجربة محمد يونس مؤسس بنك جرامين أفضل نموذج في اقتصادات المجتمع، من خلال ريادة الأعمال الاجتماعية، حيث استطاع أن يحفز الفقراء على العمل والإنتاج.

أخيرا، ورغم وجود بعض التعاونيات في عدد من مناطق المملكة إلا أنها لا تزال غير مقنعة كنماذج مشهورة أو منتشرة، لذا أرى أن نطلق مشاريع في مجالات مربحة بطبيعتها الاقتصادية، مثل الصيدليات التعاونية، فهي تشكل 19 في المائة من الحصة السوقية في بلجيكا، ويمكن تطبيق الفكرة على النقل والإسكان والبنوك، وفي الوقت نفسه تعد فرصة لزيادة معدلات توظيف شبابنا، وتحويل المدخرات البسيطة لقطاع الأسر إلى مشاريع، ولا سيما أن فرنسا وألمانيا وهولندا وماليزيا وأمريكا من الاقتصادات التي نجحت في ذلك.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *