نناقش اليوم أساليب معالجة تضخم السلع والأصول في ظل ظروف اقتصادية محلية وعالمية شديدة التعقيد، ولا سيما أنه لم يتبق سوى تسعة أعوام فحسب على أهداف رؤية 2030، ولهذا نحتاج إلى اقتصاد أكثر ذكاء لتحقيق مستهدفاتنا التي تزامنت مع مشكلات اقتصادية عالمية عابرة للدول.
هناك علاقة بين كمية النقود والأسعار، ولذا يحاول صناع السياسات الاقتصادية التحكم في عرض النقود للسيطرة على التضخم، إلا أن الدول التي ترتبط عملتها بالدولار أو عملات أخرى، تجد صعوبة في الاستفادة من هذه السياسية، خاصة إذا كان هناك نمو متعاكس بين الدولتين أو تسيير كمي لتحفيز النمو كما يحصل حاليا.
كما أن سياسة التحكم في الأجور للسيطرة على التضخم، تعد من أقل السياسات استخداما ولا تزال غير فعالة، وأثبتت فشلها لما يترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية أسوأ من التضخم، ولهذا لا يمكننا التفكير بها، بل نحتاج إلى طرق أخرى أفضل من الناحية العملية وذات ديناميكية واستدامة في السيطرة على التضخم وتحقيق نمو اقتصادي.
أود أن أشير إلى أن جزءا من التضخم السعري للسلع الأساسية حصل لدى المستهلكين في المملكة بسبب تناقص إنتاجية القطاع الخاص وضعف المنافسة وشح السلع المصنعة أو المنتجة داخليا أو الاحتكار في عدد من القطاعات، كما أن تحفيز الحكومة للصناعيين وإنتاج المصانع الوطنية لا يزال في البداية، ولا سيما مع سيل السلع الاستهلاكية القادمة من الخارج، ولا يمكن فرض قيود عليها ما لم يوفر القطاع الخاص سلعا مماثلة في الجودة والسعر.
وهناك علاقة وطيدة بين التضخم وتحرير أسعار السلع والخدمات بهدف الوصول إلى التحرير الاقتصادي، ولذا لاحظنا ذلك في الفترات الماضية بعد تحرير أسعار الكهرباء والطاقة والسلع والخدمات ارتفاع الأسعار، وهو ما أطلق عليه البعض الركود التضخمي، وهو نمو معدل الأسعار دون وجود نمو اقتصادي معتبر، وهي حالة ناتجة عن عوامل متعاكسة: أزمة اقتصادية عالمية، وفي الوقت نفسه تحرير اقتصادي محلي.
رغم جميع الأسباب السابقة، إلا أن الحل يمكن في: “1” تمويل المصانع والشركات التي تنتج مكونات سلة المستهلكين الأساسية لزيادة المعروض السلعي والخدمي. “2” زيادة حصة تملك المستهلكين لأسهم المصارف من خلال برامج وطنية تحفيزية للادخار، لأن الأرباح المتولدة من توفير القروض هي من مدخرات المجتمع، فتملك أسهم المصارف سيزيد من حجم الطبقة المتوسطة مع تكوين تيار أرباح سنوي متسق مع التضخم والنمو، وهذه المنهجية نظريا تحد من تآكل قيمة الأموال،
وكذلك تحد من آثار ارتفاع الأسعار الناتجة من التحرر الاقتصادي وتحفز الأسر على الادخار الاستثماري. “3” أما السيطرة على تضخم أسعار الأصول، كالعقارات والأراضي، فمن خلال التشريعات ومنع الممارسات غير الاقتصادية، كالمضاربات مع تقديم تمويل بناء الشقق عبر المستثمرين الأفراد لخفض الإيجارات التي هي جزء من سلة التضخم.
التعليقات