الأحد ١١ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الصلح والإصلاح – بقلم الكاتب أ. عبدالله ضايح العمري

الصلح والإصلاح – بقلم الكاتب أ. عبدالله ضايح العمري
 
 
اعتبر القرآن الصلح خيراً من إجراء القانون وحسم القضايا  وثبّْت العفو أساساً لحل المشاكل فقد يكون لتطبيق القانون آثار سلبية.
أماالصلح فيزيل النفار بين الناس
قال تعالى :
﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾
﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
 
– ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
﴿فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾
﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾
 
﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾
﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾
﴿لَاخَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
 
﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
 
﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
﴿وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾
 
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾
﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾
 
﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
 
﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
 
وفي السنة :
ترغَّيب في الصُّلح بأشكالٌ متعدِّدةٌ تدلُّ على أهميَّةِ هذا الخلق وأثره العظيم .. الإِصْلاحُ فِي الآَخِرَةِ :
– عن أنس بن مالك قال: بينما رسول الله جالسٌ إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت و أمي؟ قال: «رجلان من أُمَّتي جثيا بين يدي ربِّ العِزَّةِ فقال أحدهما : يا ربُّ خُذْ لي مظلمتي من أخي فقال الله تبارك وتعالى للطَّالبِ : فكيف بأخيك ولم يبقَ من حسناته شيءٌ؟ قال: يا ربُّ فليحمل من أوزاري » قال: وفاضت عينا رسول الله بالبُكاءِ ثم قال: «إِنَّ ذاك اليوم عظيمٌ يحتاجُ الناسُ أن يحمل عنهم من أوزارهم» فقال ﷲ تعالى للطالب: ارفعْ بصرك فانظر في اَلْـجِنَانِ، فرفع رأسه فقال: يا ربُّ أرى مدائنَ من ذهبٍ وقُصورًا من ذهبٍ مُكلَّلةً باللُّؤلؤِ لأيِّ نبيٍّ هذا أو لأيِّ صِدِّيقٍ هذا أو لأيِّ شهيدٍ هذا؟ قال: هذا لِـمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ قال: يا ربُّ ومن يملك ذلك؟ قال: أَنْتَ تَـملكُهُ قال: بماذا ؟ قال: بعفوك عن أخيك قال: يا ربُّ فإِنِّـي قد عفوت عنه قال الله : فَخُدْ بيدِ أخيك فأدخله الجنَّة فقال رسول الله عند ذلك: «اتَّقُوا الله وأَصْلِحُوا ذاتَ بينكم فإنَّ الله تعالى يُصلحُ بين المسلمين»
 
– عن أُمِّ الدَّرداء عن أبى الدَّرداء عن النَّبي قال: «أَلا أُنَبِئُكم بِدرجةٍ أَفضَلُ مِن الصَّلاةِ والصِّيامِ والصَّدقَةِ؟» قالوا: بلى قال: «صَلاحُ ذَات البَين، وفَسادُ ذَات البَينِ هِي الحَالِقَة»
– عن أبي هريرة أنَّ رسول الله  قال:الصُّلْحُ جائزٌ بين المسلمين إلا صُلحًا حَرَّمَ حَلالًا أو أحلَّ حَرامًا والمسلمون على شُروطهم إلا شرطًا حرَّمَ حَلالًا أو حلَّ حَرامًا
– عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ كَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ: أَنْ يَعْقِلُوا مَعَاقِلَهُمْ، وَأَنْ يَفْدُوا عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
– عَنْ أبي أَيوب أنَّ رَسُولُ اللَّهِ قال له: « يَا أَبَا أَيُّوبَ، أَلا أَدُلُّكَ عَلَى عَمِلٍ يَرْضَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟»  قَالَ: بَلَى، قَالَ: «تُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا، وَتُقَارِبُ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا»
 
وفي رواية: «أَلا أَدُلُّكَ عَلَى صَدَقَةٍ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ تُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَبَاغَضُوا، وتَفَاسَدُوا»
– عن أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يعْدِلُ بَيْنَ الناس صَدَقَةٌ»
– عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا، وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنْ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ، إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي»
 
التَحْذِيْرٌ مِنْ فَسَادِ ذَاتِ اَلْبَيْنِ وَمِنْ اَلْهُجْرَانِ:
 
– عن أبي هريرة : قال:«تُعرضُ الأعمالُ في كُلِّ اثنين وخميس، فيغفرُ الله في ذلك اليومين لكُلِّ امرئٍ لا يُشْركُ بالله شيئًا إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شَحْنَاءُ، فيُقالُ اتركوا هذين حتَّـى يَصْطلحا»
– عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: «تُفتحُ أَبوابُ الجنَّةِ يوم الاثنين والخميس، فيغفرُ الله لكُلِّ عبدٍ مُسلمٍ لا يُشركُ بالله شيئًا إلا رجلًا كان بينه وبين أخيه شَحْنَاءُ، فيُقالُ: أَنظروا هذين حتَّـى يَصْطلحَا، أَنظروا هذين حتى يصطلحا، أَنظروا هذين حتَّى يصطلحَا»
 
– عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: قَال النبي: «أَلا أُخِبُركُم بِخِيَارِكُم؟» قالوا: بلى. قال:«الذينَ إذا رُؤوا ذُكِر الله. أَفَلا أُخِبرُكُم بِشِرارِكُم؟» قَالوا:بلى. قَال:«المَشاءوُن بِالنَمِيمَةِ المُفسِدُون بَينَ الأحِبةِ البَاغُون … »
– عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «ثَلاَثَةٌ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ رَغِبَ عَنْ وَالِدَيْهِ، وَآخَرُ سَعَى فِي تَفْرِيقٍ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ لِيَخَلُفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ، وَآخَرُ سَعَى بِالأَحَادِيثِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، لِيَتَعَادَوْا، وَيَتَبَاغَضُوا»
– عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِيَّاكُمْ، وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ»
 
سَعْيُ النَّبِيِّ للإِصْلاحِ بِنَفْسِهِ :
– عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ بِذَلِكَ فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ»
– عن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: «يَا كَعْبُ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ – فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ – قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«قُمْ فَاقْضِهِ»
 
– عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ:«إِذَا جَدَدْتَهُ  فَوَضَعْتَهُ فِي الْمِرْبَدِ آذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ » فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ غُرَمَاءَكَ فَأَوْفِهِمْ» فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا، سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ، وَسِتَّةٌ لَوْنٌ أَوْ سِتَّةٌ عَجْوَةٌ، وَسَبْعَةٌ لَوْنٌ، فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ الْمَغْرِبَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ، فَقَالَ:«ائْتِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَخْبِرْهُمَا»، فَقَالَا: لَقَدْ عَلِمْنَا إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَنَعَ أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ
 
– عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، زَادَ فِى رِوَايَتِهِ قَالَ : وَقَالَ لأَبِى لُبَابَةَ فِى يَتِيمٍ لَهُ خَاصَمَهُ فِى نَخْلَةٍ فَقُضِى بِهَا لأَبِى لُبَابَةَ، فَبَكَى الْغُلاَمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لأَبِى لُبَابَةَ:«أَعْطِهِ نَخْلَتَكَ» فَقَالَ: لاَ فَقَالَ: «أَعْطِهِ إِيَّاهَا وَلَكَ عَذْقٌ فِى الْجَنَّةِ» فَقَالَ: لاَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ ابْنُ الدَّحْدَاحَةِ فَقَالَ لأَبِى لُبَابَةَ: أَتَبِيعُ عِذْقَكَ ذَلِكَ بِحَدِيقَتِى هَذِهِ فَقَالَ:نَعَمْ ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: النَّخْلَةُ الَّتِي سَأَلْتَ لِلْيَتِيمِ إِنْ أَعْطَيْتُهُ أَلِي بِهَا عِذْقٌ فِى الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «نَعَمْ» ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ الدَّحْدَاحَةِ شَهِيدًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«رُبَّ عِذْقٍ مُذَلَّلٍ لاِبْنِ الدَّحْدَاحَةِ فِى الْجَنَّةِ»
 
– ما جاء في صلح الحديبية وفيه: “… وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالُوا: اذْهَبْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَصَالِحْهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا، وَلا تُحَدِّثُ الْعَرَبُ أَنَّهُ دَخَلَهَا عَلَيْنَا عَنْوَةً، فَخَرَجَ سُهَيْلٌ مِنْ عِنْدِهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ مُقْبِلًا، قَالَ:« قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ الصُّلْحَ حِينَ بَعَثُوا هَذَا الرَّجُلَ » فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ جَرَى بَيْنَهُمُ الْقَوْلُ، حَتَّى وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ تُوضَعَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا عَشْرَ سِنِينَ، وَأَنْ يَأْمَنَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ عَامَهُمْ ذَلِكَ…الحديث”
 
إِصْلاحُ اَلنَّبيِّ يلِذَاتِ بَيْنِهِ وَبَيْنَ آَهلِ بَيْتِهِ:
– عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: «استأْذَن أبو بكر على رسولِ الله فسمعَ صوتَ عائشةَ عاليًا فأذن له رسولُ الله فلمَّا دخلَ قال لعائشةَ: لا أسمعُكِ ترفعين صوتكِ على رسولِ الله؟ ورفع يده ليَلْطِمَها، فحجزه رسولُ الله وخرج أبو بكر مُغَضَبًا، فقال رسولُ الله :«كيف رأيتِني أنقذتُكِ من الرَّجُلِ؟» فمكثَ أبو بكر أيامًا، ثم استأْذن، فوجدهما قد اصطلحا، فقال: أدْخِلاني في سِلْمِكما كما أدخلتماني في حَرْبِكما، فقال رسولُ الله :«قد فَعَلنَا، قد فعلنا»
 
ومن المأروث اتذكر قول الشاعر :
إن الكريم إذا تمكّن من أذى .. جاءته اخلاق الكـــــرام فأقلعا
‏أما اللئيمَ إذا تمكّن من أذى .. يطغى فلا يُبقِي لصلحٍ موضعا
 
– نعم .. إبقاء حبل الود وقبول الصلح من شيم كريم أخلاقه نبيله، ومجالسته غنيمة، ونيته سليمة، ومفارقته أليمة، كالمسك كلما مر عليه الزمن زاده قيمة.
 
 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *