الأحد ١١ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

دراسة جدوى – بقلم الكاتب أ. عمر عقيل المصلحي

دراسة جدوى – بقلم الكاتب أ.  عمر عقيل المصلحي

 

عندما تُعْرَضُ لوحةٌ عشوائية أمام مجموعة من الأفراد، ويطلب من كل واحد منهم تفسيرها وتحليلها من وجهة نظره، نجد تفسيرات مختلفة، وتحليلات متباينة، ووجهات نظر تمثل في ذاتها لوحة فريدة من نوعها، أشكال هندسية بزوايا مختلفة، حادة، قائمة، منفرجة، ذات جهات مختلفة، لافرعية ولا أصلية، شجرة واحدة ذات فروع بألوان الطيف.

التفكير يختلف من فرد إلى آخر كاختلاف بصمات الأصابع، محدداته الثروة المعرفية السليمة، الخبرة الحياتية المخضرمة حديثها بقديمها، أصول بفروع، سهل، جبل، صحراء، وواحات، زمان بمكان، تسابق ليل ونهار، شمس وقمر.

يذكر أن مدير إحدى الشركات الأمريكية طلب من أحد مندوبي التسويق بالشركة الذهاب إلى إحدى البلدان النامية؛ لعمل دراسة جدوى حول مدى نجاح تصدير أحذية لهذه البلاد كبداية لعمل مشروع إنشاء مصنع للأحذية في المستقبل.

مكث المندوب أسبوعين يتجول ويترقب ويلحظ ويدون، وفي آخر المطاف توصل لنتيجة مخزية لم يكن يتوقعها أو تخطر بباله، حيث رأى أن سكان تلك البلاد يمشون حفاة دون استثناء كبيرهم، صغيرهم، الرجل، المرأة، الفقير، متوسط الدخل، فرجع إلى مدير الشركة وأخبره الخبر، وهو في غاية الحرج، فتقبل المدير الخبر بروح المتفائل، ولم يجد اليأس إلى نفسه سبيلا.

في اليوم التالي استدعى مندوباً أقل رتبة من الأول، وطلب منه المهمة نفسها ليذهب إلى نفس البلاد ويمكث نفس الفترة؛ ليرى بماذا يرجع المرسلون؟! .

بعد مرور الفترة المحددة رجع المندوب حاملاً معه البشرى؛ أتى بما لم يأت به زميله الأول، فقال لمدير الشركة لقد جئتك بنبأٍ عظيم، أن سكان تلك البلاد لايرتدون الأحذية أبداً، فهم في أمس الحاجة للأحذية، وإنها فرصتنا لإقامة مصنع أحذية بها، فالمشروع ناجح بكل مقاييس النجاح؛ فلنبادر بإنشائه على التو واللحظة.

مندوبا الشركة اختلفت لديهما زاويا التفكير، فالأول نظر من زاوية وطبل لصحتها، والثاني نظر من زاوية أخرى ورجح صحتها بل راهن عليها، وقد أصاب … إنها اختلاف زوايا التفكير … لله في خلقة شؤون.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *