صفة مذمومة تمحو الأخلاق، وتدمر المسؤولية، تبث سموم العداوات، تنشر الضغينة، تقلب الموازين، وتشوه الحقائق، تجعل الليل نهاراً، والنهار ليلاً، الشمس قمر اً، والقمر شمساً، كم فرقت بين أخٍ وأخيه، وأبٍ وابنه، وفتاةٍ وأمها، وجارٍ وجاره، وبين زوجةٍ وزوجها، دمرت بيوتاً، وشتت أسراً، صاحبها آثم قلبه أحرق حسناته، وأُشْرِبَ قلبه بالسئيات، منبوذ من المجتمع، لا يَأْلَفُ ولايُؤْلَفُ. إنها صفة الكذب . قَالَ تعالى: “هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (119)
قال: صلى الله عليه وسلم: ( أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَن كَانَتْ فيه خَلَّةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَلَّةٌ مِن نِفَاقٍ حتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ الكذبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النارِ، وإنَّ الرجلَ ليكذبُ ويتحرَّى الكذبَ حتى يُكتب عندَ اللهِ كذابا ).
هذه القصة يقول صاحبها: كنت أعمل أنا وابن عمى فى أحد المطاعم فى المدينة، وكنت ملتزم دينياً بفضل الله عز وجل وأحافظ على صلاتى وأتقى الله فى أقوالى وأفعالى، وكنت صادقاً فى كل شئ.. وفى يوم من الأيام جاء ابن عمى يطلب منى أن أكذب كذبة صغيرة، حيث أنه يريد أن يأخذ أجازة بضعة أيام حتى يستطيع السفر مع بعض أصدقاءة، ولكن المسؤلون فى المطعم كانو يرفضون الاجازات خصوصاً فى هذا الوقت من العام حيث يكثر العمل والزبائن، ولذلك كانت الطريقة الوحيدة هى أن أكذب وأقول لهم أنه قد تعرض لحادث سيارة فى الوادى وإنجرفت السيارة وأصيب كما طلب منى.
هنا بدأ صراع داخلى مع نفسى فأنا لا أكذب أبداً ولست معتاداً على ذلك، بدأت أفكر فى جميع الإحتمالات ولعب الشيطان بعقلى حتى ظننت أنها مجرد كذبة صغيرة وستنقضى الأيام سريعاً ولن يستطيع أى أحد من المسؤلين العلم بهذة الكذبة، وفعلاً فى اليوم التالى ذهبت إلى المدير وأخبرتة بالقصة، أو بمعنى أدق أخبرتة بالكذبة، وفعلاً إستطاع ابن عمى أن يأخذ أجازة ويسافر كما أراد.
وبعد عدة أيام عاد من سفرة وعاد إلى العمل دون أن يعرف أى أحد بهذه الكذبة، وبعد إنقضاء دوامى ركبت مع ابن عمى السيارة حتى يوصلنى إلى بيتى كما يذهب كعادته يومياً، ولكن فى هذا اليوم كان مرهقاً ومتعباً من السفر فطلب منى أن أقود السيارة بدلاً عنه، وفعلاً بدأت الطريق، وهو نائم بجانبى، وكنت أغالب النعاس وأقاوم، وكان ذلك آخر ما تذكرتة قبل الحادث .
حيث انحرفت السيارة بنا انا وابن عمي عند الوادى، ولكن – الحمد لله – لم يصبنا شئ، تذكرت كذبتى على مديرى فى العمل، وأيقنت أن هذا درس من الله – عز وجل – حتى أعود إلى الطريق المستقيم من جديد، استغفرت ربى – عز وجل – وقرأت آية الكرسى، ومن يومها وأنا مقلع عن الكذب إلى الأبد، وفتحت صفحة جديدة مع نفسى عاهدت فيها ربى أن أكون صادقاً دوماً .
يحكى أنه فى يوم من الأيام كان هناك بائع برتقال يجلس على جانب الطريق ويبيع للناس مع معة من ثمار، فمرت من جانبة عجوز تسألة إن كانت هذه الثمار حامضة أم لا، فظن البائع أن العجوز لا تأكل البرتقال الحامض فرد عليها: لا يا سيدتى أنه حلو كم يلزمك، فأجابت العجوز: لا أريد فأنا ارغب أن اشترى البرتقال الحامض لزوجة إبنى الحامل وهى تشتهى أكل الحامض، وهكذا خسر البائع هذة الصفقة، ولكنة لم يتعلم من الدرس .
بعد يومين إقتربت منه إمرأة حامل تسألة: هل هذا البرتقال حامض؟ تذكر البائع فوراً كلام العجوز وظن أن السيدة الحامل تريد الحامض، فأجابها نعم إنه حامض كم تريدين منه؟ فأجابتة السيدة لا أريد منه شيئا فقد ارسلتنى أم زوجى لأشترى لها برتقالا حلوا، وأخبرتنى أنه يوجد لديك فجئت اشترى منك.
حينها فهم البائع أن هذة هى زوجة ابن العجوز.. وخسر أيضاّ هذة البيعة بسبب الكذب. تذكر دائماً عزيزى القاريء أن الصدق ينجيك ويرفعك، الكذب مفتاح الشرور.
التعليقات