الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

إزالة التعديات.. العدالة والرحمة – بقلم الكاتب أ. خالد عوض العمري

إزالة التعديات.. العدالة والرحمة – بقلم الكاتب أ. خالد عوض العمري

 

«من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين» حديث شريف.. حتى وقت قريب، كان ملف التعديات على الأراضي الحكومة في حكم الميؤوس منه، في المخيال الجمعي، بل حتى في دوائر صنع القرار العليا، حيث كان هذا الملف من أعقد القضايا التي تواجه صانع القرار وواضع التشريعات، فالدولة منذ تأسيسها حرصت على تجنب المساس بأموال الناس، أو مصادرة حقوقهم، وغلبت جانب السماحة حينما يتعلق الموضوع بأموال الناس الخاصة، فقبلت الحجج الظنية للتملك، وتوسعت في قبول صور الإحياء المقررة شرعا، وذلك حرصا على عدم الوقوع في أموال الناس وممتلكاتهم.

هذا الورع الذي تعاملت به الدولة مع ممتلكات الناس، بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى كالجشع، وتهالك أنظمة التملك، وضبابية قوانين وضع اليد والإحياء، أنتجت جرأة عجيبة في الاعتداء على الممتلكات العامة، والاستحواذ عليها، بشكلٍ لا يكاد يصدقه العقل، حيث نُهبت الشواطئ والمتنزهات وضواحي المدن الرئيسية بشكلٍ لا مثيل له في العالم، حتى أصبح تملك المواطن لقطعة أرضٍ يبني عليها منزلا من الأمور الشاقة بل والمتعذرة في غالب الأحيان، وذلك أمرٌ لا ينقضي منه العجب، نظرا لمساحة السعودية الشاسعة وقلة عدد سكانها، كانت تلك الحال، حتى قيض الله لهذا الوطن سلمان الحزم، وولي عهده عرّاب الرؤية وفارسها.

ولأنّ مكافحة الفساد، تشبه كنس الدرج، حيث يجب أن يبدأ التنظيف من الأعلى، فقد بدأت مكافحة التعديات وإزالتها بالرؤوس الكبرى، من دهاقنة الاستيلاء على الأراضي والأملاك العامة، وهذا ما جعل الجميع يؤمن أنّ الدولة جادةٌ في استرداد كل شبرٍ سُلب بغير وجه حق، بغض النظر عمن سلبه وموقعه الاجتماعي أو الوظيفي، حيث أصبحت معدات الإزالة لا تفرق بين تعديات شخصٍ وآخر، فالناس سواسيةٌ كأسنان المشط.

وكأي مشروعٍ ضخمٍ ومتشعب، فإن مشروع إزالة التعديات قد يلحق ضررا ببعض الأفراد، ممن لا يملك أوراقا تستوفي المتطلبات النظامية رغم أحقيته بالملك، وقد يكون ذلك بسبب الجهل أو عدم الحاجة في ما مضى لاستكمال تلك المسوغات النظامية، فهذه الدولة أحرص من الجميع على حفظ كل حق، وتعويض صاحبه بالعوض المناسب وأكثر، هذا ما كان يحدث دوما في جميع مشروعات  نزع الملكيات التي اضطرت إليها الدولة، حيث كانت تعوض الجميع بما يفوق ما كان يطلب ويستحق..

ولذلك يجب على جميع من شعر بأنّه ظلم أن يتجه للقيادة العادلة الرحيمة في هذا البلد، والتي ستنصفه وترضيه بلا شك، أمّا المزايدة على جهود الدولة ورؤيتها التنموية وجهادها لإعادة ما تم الاستيلاء عليه بغير وجه حقٍ من الأملاك العامة، فهو أمرٌ لا يصدر عن مواطنٍ صادقٍ مخلص، ففي هذه الدولة لا يُظلم أحد، من يعرف «سلمان» يعرف ذلك، ومن يعرف محمد بن سلمان يعرف ذلك، ومن يعرف السعودية والسعوديين يعرف ذلك.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *