في الواقع الزمن تغير، والظروف تبدلت، والمعايير اختلفت، ولم تعد مقولة اطلبوا العلم ولو في الصين أو حتى اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد تتناسب مع ظروف هذه الأيام التي لا تحتاج فيها إلى أن تتخرج في أرقى وأعظم الجامعات الأجنبية أو الكليات العلمية المرموقة، فالزمن اليوم ليس زمن العلماء والمثقفين والمخترعين، بل زمن المطربين ورجال الدين، وبالتالي يجب اختصار المسافات وتحديد الأهداف والأولويات مبكراً..
فأنت أمام مفترق طرق، هل تتخرج في جامعة كورنيل أو ميغيل أم كلية «يا عين يا ليل»؟ وهـــــــل تعيش حياتــــــــــك غارقاً في الأبحاث والمختبرات، أم تحجز مقعدك سريعاً، فترتدي الجبة وتمسك السبحة وتطلق اللحية وتخرج للفضائيات للحديث عن «زواج الجان من بني الإنسان»، فتأتيك الاتصالات من جميع أرجاء المعمورة، فتصبح من المشاهير، فأغلبية الناس، وا أسفاه، يعشقون الخرافة ويجرون خلف السخافة؟!
أتساءل: كم هو عدد المخترعين والعلماء والمفكرين بالمقارنة بعدد المطربين وشيوخ الدين، لا سيما في الفضائيات المشهورة؟! وكيف يتعامل المجتمع مع هؤلاء؟ بمعنى ما هو سلوك الناس مع المطرب والمخترع من حيث الاهتمام والحفاوة والاستقبال؟
فهذه المقارنات ستحدد لك مستقبلك وترسم لك طريق حياتك وتضمن لك تقاعدك وحجم المبلغ الموجود في رصيد حسابك، ففي حفلة زواج واحدة لأسرة ثرية يحصل المطرب على ما قد يحصل عليه العالم الفيزيائي طوال حياته، ووفقاً لرأي أحد الصعاليك «رجال الدين ليسوا نصابين، لكن النصابين أصبحوا رجال دين»، فترى أحدهم يحدثك في الفضائيات عن الزهد في الدنيا لتجد صوره وهو يهم بركوب السيارات الفارهة ويملك الأبراج الشاهقة
ورحم الله من قال: كلما ازداد الشعب غباء زاد رجال الدين ثراء! قصارى القول: هذه نظرة مستقبلية وواقعية بعيدة عن قواعد ومبادئ وأصول ارسم مستقبلك بنفسك التي تحدث عنها براين تراسي، فالواقع شيء، والنظرية شيء آخر.. فدع القلق وابدأ الحياة!
التعليقات