أم أُرسِلُ الدمعَ في العينين منسكبا
قد كنتُ في دار مولانا مُدللَةً
القى الكرامةَ والأخلاقَ والأدبَ
يوماً ولم يشتكِ بذلاً ولا تعبا
المالَ يُرخصهُ والجسمَ يُتعبهُ
والنصحَ يبذُلُه أنعم بذاكَ أبا
حتى إذا ما استوى عودي وكنتُ لهم
كالخيزرانةِ قدّاً يبعثُ العجبا.
أتى لنا فارسُ الأحلامِ خيرُ فتىً
يرجو الوصالَ ويعطي المالَ والذهبا
فكان ما كان من أهلي وسيّدِه
يذللون لنا في الأرض ما صعُبا
حتى التقى العاشقانِ المغرمانِ فلا
تسأل عن الحُبِّ عشنا عيشةً عجبا
الزوجُ زوجي وذا بيتي ومملكتي
والطفلُ طفلي نعيشُ الجدَّ واللعبا
أنا المدللةُ المجلوبُ ما طلبت
ذاتُ الجمالِ أزجُّ الرمشَ والهدبا
أنا اللّعوبُ فلا أنثى تشاركُني
لهوي وما ملكت مغناي ذاتُ صبا
أنا اللتي كنتُ نهرَ الحبِّ أملكُه
فما عسى حاز من يحسو ومن شربا
ثم انتهت تلكُمُ الأيامُ وانقلبت
وأصبح الرأسُ من أفكارنا ذنبا
سرت علينا جيوشُ الغدرِ تنهبُنا
أحلامَنا وأرونا زهرَنا حطبا
قالوا لنا الزوجُ سجّانٌ وفي يده
سوطٌ ويحرمُنا مِن وصلِ مَن صَحِبا
لسنا إماءً لهم نسعى لخدمتهم
نحنُ الحرائرُ نرقى وحدنا الشُهُبا
طبخٌ ونفخٌ كأن اللهَ صيّرنا
مِلكاً لأزواجِنا لا نشتكي نصبا
لِمَ الشقاوةُ بالأطفالِ نحضُنُهم
كنسوةِ الريفِ أو من تنسجُ القصبا
كُلُّ الأقاربِ أعداءٌ لنا ولهم
عيونُ جاسوسةٍ لا تحسنُ الأدبا
طيري على ناقلات الجوِّ وانطرحي
على الشواطي مع من نامَ أو وثبا
صِلِي المحبينَ من عُرْبٍ ومن عَجَمٍ
عوجي على كلِّ من غنّى ومن شَرِبا
صُبّي الأنوثةَ في أرجاءِ عالمنا
عطراً يهيمُ به من كان مغتربا
رِدي المراقصَ والحاناتِ وارتشفي
كأساً من الشاي في المقهى مع الأُدبا
حُطّي رحالَك في باريسَ حاسرةً
ولا تبالي بمن أثنى ومن ثلبا
إلى دُبيٍ إلى كُلِّ العواصمِ لا
تثنيكِ من وجهُها ما زال منتقبا
لا زلتُ أسمع هذا المكرَ مُفعمةً
بحُبّهِ في خفاً عن أعينِ الرُقبا.
حتى رأيتُ نعيمَ الزوجِ مسغبةً
وبَذلَه المالَ تسويغاً لما طلبا
أبصرتُ فيه عدوّاً لا يريدُ سوى
حبسي وظلمي وتذليلي لما رغبا
مِن ثَمَّ فارقتُ أطفالي وهمتُ كمن
قد هام من قبلُ لا نلوي لمن عتبا
شربتُ كأساً عصاةُ القومِ تشربُها
يشقى بها من حسا منها ومن سكبا
دينٌ مضاعٌ وتشريدٌ وقلقةٌ
كفرٌ لمن بذلَ الأموالَ واحتسبا
وبعدُ أن غرقت نفسي بما فعلت
وصرتُ حائرةً في جملةِ الغربا
أدركت أني أضعتُ الدربَ دون هدىً
وأنني كنتُ نهباً للذي نهبا
وأن زوجي وأطفالي ومملكتي
هم النعيمُ ولكنْ نجمُنا غربا
لقد تبينتُ لكن بعدما وقعتْ
فأسٌ على الراس نالتْ منّيَ العطبا
أضعتُ نفسي وأطفالي ومملكتي
أنا اللتي في شتاها تطلبُ العنبا
أقولُ والهمُّ يذويني ويقتُلُني
من ذا يعيدُ ليَ الكنزَّ الذي ذهبا
التعليقات