الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الفرق بين ( مثوى و مأوى ) – بقلم الدكتور عمر غرامة العمروي

الفرق بين ( مثوى و مأوى ) – بقلم الدكتور عمر غرامة العمروي
 

انتشرت في وسائل التواصل الإجتماعي فتوى بشأن كلمة ( مثوى ) التي يرددها الناس اذا توفي منهم احد قالوا: ( انتقل إلى مثواه الأخير ) وأفتى العالمان الكبيران: الشيخ المحدث: ناصر الدين الالباني، والعلامة الشيخ: محمد بن عثيمين – رحمهما الله – بكفر قايلها، وأنها وردت في القران الكريم، وهي خاصة باهل النار.. إلى غير ذلك، وأنا هنا أريد أن أبين للناس أمر يجب فهمه والعلم به، وهو: أن المفتي يفتي على قدر سؤال وألفاظ السائل. ولا يلزم المفتي التقصي لما نواه لأن علم النوايا وما فيها لله وحده.

وأقول أنا ياعمر العمروي: أن هذه الرسالة التي يتناقلها الناس في الواتسابات فيها تحجير على الناس لأن الجواب فيها من جانب وأحد فقط . وهذا تضييق على الناس وتحجير وهذا كلام غير دقيق وفيه تكلف. ولغتنا العربية لغة القران، فيها مجالات واسعة، ومفردات كثيرة وتفاسير عديدة . واذا كان حجر العلماء الذين أفتوا بأنها (كفر) ففتواهم صحيحة لأنها تخص المعتقد دون غيره ممن يقولون بها ويرددونها في الفاظهم.

وأقول: إذا كان القائل يعتقد أن القبر هو مثوى الميت الأخير فقوله كفر بالله وبشرعه، لأن المثوى الأخير بعد قيام الساعة ومحاسبة الناس، فإما الجنة، وأما إلى النار، وذاك هو المثوى الأخير. أما إذا كان يقولها على أنها مثواه من الدنيا فقوله صحيح ونحن لا نعلم ولا ندخل في نوايا الناس لكنا نقول بما في نصوص الكتاب والسنة، وقبل القول، يجب معرفة معنى ( مثوى ) فان معناها الماوى، والسكن، الذي سيقيم فيه الإنسان القادم في الدنيا والأخرة.

وإذا كنا نقول ( مثوى ) بمعنى المأوى، فقد وردت في القرآن لأهل الجنة ولأهل النار معاً لتصف مئالات الطرفين في قوله تعالى: ( فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ) وهنا المأوى مع الحجيم. ( فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) وهنا المأوى مع الجنة. ( عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) المأوى مع الجنة. ( أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )، وهكذا في مفهومه.

وأما مفهوم المثوى في جانب السكن: فقد جاءت كلمة مثوى لتصوِّر الوجود المقيَّد في ساحة محدّدة: ( وقال الذي اشتراه من مصر أكرمي مثواه ). وقول يوسف عليه السلام ( إنَّه ربّي أحسن مثواي ).. ( والله يعلم متقلبكم ومثواكم ).. ( وما كنت ثاوياً في أهل مدين )

 وخلاصة القول هي: إن كان المتلفظ بكلمة ( مثوى ) يعني اخر الامر المتوفي ونهايته، فذاك حرم وكفر بالله وبشرعه كما قال العلماء. وإن كان المتلفظ يقولها وهو يعني النهاية من الدنيا فقوله مباح ولا تثريب عليه، لكن الأولى له ترك ذلك حتى لا يدخل في الحرج كما هو الحاصل، ويبعد عن الشبهات.. هذا ما أردت بيانه والله أعلم بالصواب.

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *