الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

إحتلال تركيا لـ “ليبيا” هو الخطب الكبير! – بقلم الكاتب أ. رافع علي الشهري

إحتلال تركيا لـ “ليبيا” هو الخطب الكبير! – بقلم الكاتب أ. رافع علي الشهري
 
 
قد يظن البعض أن إحتلال تركيا لليبيا قضية ليبية لا تتعدى ذلك الوطن العربي الكريم، غير أن هذا تفكير سطحي بسيط، فالأمر جد خطير، فهو مشروع استعماري واسع، أهدافه تمتد من الأطلسي غرباً حتى الخليج العربي شرقاً، ولا أكون مبالغاً لوقلتُ أنه أشد خطورة من التدخل الأمريكي والإيراني في العراق على دول الخليج المجاورة للعراق وإيران.
 
فقد تبين لكل ذي عقل وكل من يتابع ويقرأ هذه المشاهد العدائية للبلاد العربية من قِبل تركيا وإيران المتحالفتَين مع بقايا الأخوان في البلاد العربية، ودويلة قطر المارقة سياسياً، بأن العلاقات التي قويتْ بين كل هؤلاء وتناغمتْ وترسخت، قد دمّرتْ سوريا تدميرا، فاقتطعت تركيا شمالها، واجتزّتْ مناطقاً من شمال العراق وسكتت عن عبث إيران في العراق وسوريا واليمن. ولا جدل أن تركيا وإيران تريدان أن تتقاسما الكعكة العربية، وتتحالفان مع أصغر دويلة عربية، موعودة من قبل الطامعين العجم بما يسرها من هذه الكعكة، وليست في الواقع إلا أول ضحية يُضحّى بها من قِبل الواعدين لها فهاهي قوات تركيا وإيران تجوب قطر طولاً وعرضا.
 
وماكان التدخل التركي في ليبيا بحجة مساعدة حكومة السراج، إلا بتوافق إيراني قطري، وتواطوء من حلف الناتو الذي تركيا عضو فيه، وصمتٌ صهيوني لتفكيك وتفتيت البلاد العربية، خصوصاً البلاد ذات الكثافة الغالبية السنّية، وجعل المعادلة بينهم وبين المسلمين ذات أبعاد رافضية صوفية إخوانية، سرعان ماتخنع للبقاء في السلطة في ظل الهيمنة الصهيونية التوسعية، رافعةً أوراق المصالح المشتركة والبراغماتية السياسية، وإن كان ذلك على حساب القيم والثوابت الإسلامية، ومفهوم طرد المحتل وتحرير الأقصى والبلاد المحتلة!
 
وإن تمكنتْ تركيا من فرض حكومة السراج على ليبيا، فقد جعلت لها موضع قدمٍ راسخ قد لايتزعزع أبدا، ووضعتْ لدول الناتو موضع أقدامٍ أخرى، وهذا يقصي حتى روسيا ذات المطامع الشرسة في سوريا، وتطمع في موضع قدم لها في ليبيا العربية الأفريقية البترولية. وستُعتبر ليبيا بوابة واسعة للتدخل في تونس التي لم تنفك من توغل الفكر الإخواني عبر حزب النهضة وعبر البرلمان التونسي الذي يتزعمه الغنوشي الذي قد يحاكم لتدخله في تأييد السراج في ليبيا.
 
بيد أن تونس المجاورة لليبيا ربما خنعت اقتصاديا وأمنيا للهيمنة التركية على ليبيا وربما تدخلت تركيا فيها لنصرة الأخوان بها من بعد فتنة تؤججها، وأكاد أجزم أن هيمنة تركيا على ليبيا ستمتد على الدول المجاورة لليبيا عاجلاً أوأجلا وغير بعيد. فإذا أصبحت الدول العربية الإفريقية في القبضة التركية وأمام التواطؤ الغربي والسرور الإسرائيلي، فسيكون التدخل التركي الإيراني في الدول العربية الأسيوية سهل جدا، فالعراق وسوريا ولبنان واليمن قد خضعت من قَبل للهيمنة الإيرانية والمؤيدة تركيا قطريا، ولم يبق سوى دول الخليج والأردن والتي هي الهدف المنشود لهؤلاء البغاة الغزاة الحاقدين الطامعين!
 
غير أن قلب العالم الإسلامي النابض ومحوره القوي وواجهته العالمية المملكة العربية السعودية لعصيةٌ بدينها وعقيدتها وولاة أمرها وعلمائها وشعبها على كل الطامعين، فكم تألب عليها من هم أشرس وأقوى من كل هؤلاء قديما وحديثاً، فنصرَها الله عليهم ولم يحققوا شيئا ولم يظفروا منها بشيء أبدا، والسعودية لاتتمنى لقاء الأعداء ..
 
ولكنها حين تلقاهم لا قدر الله فهي لها وسينصر الله من ينصره، لأنها حين تصدّ عنها العدو، تصدّه عن الحرمين وتدافع عن عقيدتها التي يقاتلها الأعداء بغضاً فيها، وهي تحمي أرضها وشعبها وأعراضها ومقدراتها على هذا الوطن الكريم المملكة العربية السعودية حفظها الله بحفظه، وحفظ بلاد العرب من كل عدوٍ غاشم بغيض!!
 
 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *