الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

كورونا.. أزمة القيم – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

كورونا.. أزمة القيم – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

 

«الوطن يحتاجكم»، عبارة موجهة للأبناء الحقيقيين للأوطان، تظهر للعلن في كل أزمة يمر بها وطن أي منا، وتكون أكبر حضورا عندما تستطيل الأزمات وتصاحبها جهود سلطانية أو ينتج عنها ضحايا لهذه الأزمات، مع أن وطني في واقع الحال – بفضل الله – غني بقيادته وموارده ومواطنيه الواعين المخلصين ممن يتصدرون المشهد عند الحاجة، كل في مجاله.

نمر هذه الأيام كغيرنا من دول العالم بأزمة كورونا التي قوضت منامات الملايين في أصقاع الأرض، وما علينا سوى أن نجيل بأنظارنا على الجهود العظيمة التي بذلت على مختلف الصعد في هذا الوطن العظيم بسواعد أبنائه، وعلى مستوى إدارة الأزمة وما اتخذ من الإجراءات اللازمة والاحترازية التي تؤدي إلى تحييد خطر هذا الوباء في المملكة، وبقرارات جريئة مع التدرج في ذلك بما يتناسب مع مقتضى الحال وحاجة الناس الحياتية.

التضافر والتكامل الملموس ظهرا جليا بين مختلف الجهات التي تقودها مشكورة وزارة الصحة، وبمساندة مختلف الجهات وفي مقدمتها الجهات الأمنية الحاضرة بقوة واحترافية في كل مشهد تكون الحاجة لهم قائمة فيه، مع دور المواطن والمقيم الهام وما يجب على الجميع من التقيد بما يصدر من جهات الاختصاص من التعليمات والإجراءات الاحترازية الواقية، هي السياج الهام لحفظ الصحة العامة مع التأكيد على عدم الهلع أو الانسياق لما ينشر من غير المصادر المعتمدة.

وعلى الجانب الآخر فإن هذه المرحلة ليست كلها صعبة سلبية دون إيجابيات، ففي الوقت نفسه كشفت كثيرا مما وراء الأقنعة من الجوانب المستترة، فقد تجلت لنا وجوه وظهرت نوايا لمن يعيش معنا وبين ظهرانينا ممن كنا نظنه من المحسنين، فإذا به معول هدم ومسرب سوء على الوطن وأهله، وكانوا هم السبب الرئيس في نقل هذا المرض متخفين ومتسترين مع علمهم بخطورته وضرره.

الولاء للأوطان ليس فيه منطقة رمادية، إما أن تكون مع وطنك أو فأنت ضده، ومن يكابر ولا يلتزم بما يصدر من تعليمات صادرة فيما يتعلق بمنع التجمعات أو ارتياد أماكن معينة أو من يبارز الدولة بقول أو فعل كلما شرعت في توجيهٍ أو تدابير محددة، أو من ينشر الشائعات بوسائل التواصل الاجتماعي، لبث الهلع وتخويف الناس أو التضليل أو التقليل والتهميش من أي دور رسمي تبذله أي مؤسسة معنية في الدولة؛ فإن يد القانون يجب أن تطاله، وفق قواعد العدالة العامة، وهي حقيقة بالوصول إليه وتأديبه برسم القانون حفاظا على سلم المجتمع وسكينته.

بقي أن أشير إلى نقطتين هامتين:

أولاهما : تطلعنا من وزارة التجارة لبذل مزيد من الجهد في الرقابة على منافذ البيوع والمخازن والمستودعات والأسعار، وقمع جشع تجار الأزمات، والتشهير بهم وفقا للنظام دون مواربة.

ثانيتهما : سؤال نطرحه : أين البنوك المحلية والشركات والمؤسسات التي أثرت من خير الوطن، فلا نسمع لها همسا أو نلمس حسّا هذه الأيام؟ ماذا قدمت للوطن من المبادرات والوقفات؟ وهل سنرى منها شيئا تقدمن في مجال المسؤولية الاجتماعية المفترضة منها؟ أم إنها آكلة للغُنم ومتهربة من الغُرم؟

ستمر هذه الأزمة ونتجاوزها بحول الله ثم تكاتف الجميع، ولا بد من تقييم شامل لها بعد ذلك، خاصة من حضر مع الوطن ومن غاب، لنضع بعدها النقاط على حروفها، ولنعلم يقينا أن هذه الأزمة العالمية بكل أبعادها ما ظهر منها وما خفي هي أزمة قيم بالدرجة الأولى على مستوى الدول والمنظمات والأفراد.

(ادخلوا مساكنكم) توجيه قرآني عظيم يختصر كثيرا من الرسائل.

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *