الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

المواطن والإصلاح الاقتصادي – بقلم م. خالد عوض العمري

المواطن والإصلاح الاقتصادي – بقلم م. خالد عوض العمري

 

في خضم الأرقام، وبين دهاليز المصروفات والإيرادات، ينسى كثيرٌ من المشرعين وواضعي برامج الإصلاح الاقتصادي الهدف الأسمى لعملهم، هذا الهدف هو تحسين حياة المواطن، وزيادة فرص الحياة الكريمة له.

وحينما ينزل هذا الهدف من مرتبته العليا ليصبح هدفًا ثانويًا، يمكن الجدال حوله والتفاوض بشأنه، تغدو برامج الإصلاح عقيمةً لا تغني ولا تسمن من جوع، بل ربما أصبحت وبالًا عليه، وقللت فرص الحياة اللائقة التي من حق كل مواطنٍ أن يحصل عليها.

فكل سياسةٍ لترشيد النفقات وزيادة الإيرادات يجب أن يكون ضمن جوهرها الأساسي عدم المساس بكل ما يتصل بالحقوق الأساسية للحياة الكريمة للفرد، وهنا يكمن السر في ندرة برامج الإصلاح الاقتصادي الناجحة، أمَا مجرد تخفيض النفقات وإطلاق يد الجباية في دخل المواطن فأمرٌ تحسنه حتى أسوأ الأنظمة تخطيطًا وإدارة، ولأننا في السعودية نعيش واقعًا اقتصاديًا جديدًا، وجب على واضعي سياسات البرامج الاقتصادية الجديدة أن يكونوا شديدي الحذر، وأن يحرصوا للمحافظة على مكتسبات المواطن، وعدم المساس بما يفترض أن يكون ميزةً له، وهذا ما ستحاول هذه المقالة تناوله.

ربما كان أول الأمور التي يجب على مشرعي البرنامج الاقتصادي الإصلاحي الحرص على القيام بها، هو الدقة في وضع مؤشرات الأداء التي تقيس وضع المواطن المالي بشكلٍ واضحٍ يعكس الصورة الحقيقية، والحرص على التنوع في المصادر التي يستند إليها المشرعون في استسقاء معلوماتهم، وعدم الاعتماد على المصادر الحكومية وحدها، حيث يجب إشراك المراكز البحثية المستقلة في عملية المسح والاستقصاء، كما يجب استقطاب الكفاءات الوطنية المهتمة بهذا الشأن وعقد ورش العمل التي تمكنها من طرح رؤاها وإضافاتها للبرنامج.

أما الأمر الثاني الواجب توفره في هذه البرامج فهو دراسة التأثيرات التي تحدثها قرارات الإصلاح الاقتصادي بشكلٍ مفصل، حيث يؤكد خبراء الاقتصاد أن الآثار الارتدادية التي ترتبط بالقرارات الاقتصادية قد تمتد لتشمل كثيرًا من الجوانب التي تبدو – ظاهريًا – منبتةً عن سياق القرار، وهذا ما يمكن تسميته بالأثر الموجي للقرار، ودراسة هذه الجوانب تحتاج – بالإضافة إلى الجهات المشرعة – إلى مراكز الخبرة المتخصصة في هذا المجال.

ثالثة الأثافي التي ينبغي الحرص على وجودها، هي القراءة الدقيقة لانعكاسات هذه البرامج الإصلاحية على حياة المواطن، حيث تعتبر التغذية العكسية الراجعة في هذا الأمر حجر أساسٍ لنجاح هذه البرامج، ليتمكن المشرع وصاحب القرار من العمل على تطوير هذه البرامج، وتحسينها، وتلافي الأخطاء التي تم الوقوع فيها، كل ذلك العمل يجب أن يكون مصحوبًا في كل وقتٍ بالهدف الأسمى، وهو تحسين حياة المواطن وزيادة رفاهيته بعيدًا عن حسابات الجباية والدخل المجردة.

خالد عوض العمري :

خريج هندسة كهربائية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، يعمل في وزارة الصحة، شاعر وكاتب , نشر العشرات من القصائد في الصحف والدوريات المحلية والعربية وله ديوان تحت الطباعة، كاتب رأي في عدد من الصحف السعودية منها عكاظ، الوطن، الشرق، البلاد والمدينة.
 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *