جميل جدا هو الاعتذار عن الخطأ ، ويعد “الاعتذار” صفة حميدة من صفات الشجعان، وهو ثقافة يجب نشرها بين جميع فئات المجتمع، والاعتذار من صفات الانبياء جميعهم فآدم عليه السلام، اعترف بذنبه لما أخطأ ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ). وموسى عليه السلام أخطأ عندما وكز الرجل بعصاه فقتلهُ، ولم يبرر قتلهُ، بل اعترف أن ما فعلهُ هو من عمل الشيطان ( هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ )
الا ان “الاعتذار” قد لا يكون مقبولا احيانا اذا تجاوز الخطأ حده، فكلما كبر الخطأ وكان المنصب كبيرا فان الاعتذار هنا يكون من الصعب قبوله، فالشيخ والمسؤول والعالم وصاحب المنصب يكون الاعتذار منهم مقبولا اذا كان الخطأ في حدود المعقول، اما اذا تجاوز ذلك فان الاعتذار يكون غير مقبول وغير مرحب به بل ويستحق عليه اذا لزم الأمر المسالة والمحاسبة وقد يتجاوز ذلك الى العقاب..
فعندما نزلت الاية الكريمة ” لا تعتذروا ” هي دلالة واضحة لما ذكرت بان الخطأ اذا تجاوز الحدود فان الاعذار غير مقبوله .، وهذا نبراس نعتد به، ودلالة واضحة بان الخطأ الجسيم لا يمكن الاعتذار عنه، وما نشاهده من اعتذارات متكررة في وسائل الاعلام من مشائخ ومسؤولين لا اعتقد بان احد يصنفها ضمن الاعتذارات المقبوله، حيث ان الاخطأ هنا غير مقبوله عند الجميع ..
فهناك من يعتذر عن حقبة زمنية تجاوزت الثلاثون عاما، وهي حقبه لها ايجابياتها وسلبياتها ونحن في وقت لا يمكن تذكر اغلب ما مرت به تلك الحقبة من احداث، فالسكوت عنها كان اجدر واجدى، وفي تلك الفترة اخطأ قد نعلم بها او لا نعلم بها .. فيجب الستر عليها فان الله هو من يستر عباده، والبحث فيها والتذكير بها هي من مساوئ الاعتذار ..
والاعتذار عن خطأ لا يعلم أغلب الناس عنه شياء فهو كمن يفضح نفسة في رابعة النهار بعد ان ستره الله وستره زمنه وناسه، اما اعتذار المسؤول فقد يلتمس الناس عذره اذا كان الخطأ بسيط اما اذا كان في الغير المقبول فان الاعتذار هنا بمثابة البالون الفارغ، وخاصة عندما يشدد المسؤول في الاعتذار ويكون اعتذاره شديد اللهجة فان ذلك يدل على كبر حجم الخطأ .. وهنا لا يقبل الاعتذار بل لا بد من المحاسبة والمسالة والعقاب اذا لزم الامر.
لا نقصد احد بعينه ولكن هذه عينات من انواع الاعتذارات الغير مقبوله عند شريحة كبيرة من الناس والتي كانت نتيجة لعظم الخطأ وفداحته كما يرى صاحبه، وبعكس ذلك فهناك بعض المسؤولين يخطئون ولا يعتذرون لان اعتذارهم يكسر عنجهيتهم ويخرجهم من دائرة العظمة التي يعيشونها الى دائرة الدراويش كما يروننا باعينهم العمياء، فعندما يثرثر مسؤول بضرورة رفع سعر الخبز او غيرة من الذين يرفضون سداد الديون عن جنودنا المرابطين على حدودنا فان اعتذارهم يسبب كارثة لشخصياتهم المهزوزة .
ان المعتذرين من المسؤولين وغيرهم من اصحاب المناصب يجب محاسبتهم على عظم الخطأ وفداحته ولا يشترط الاعتذار كلما اخطأ هذا او ذاك، ودليلنا في ضخامة اخطأ القوم قوله تعالى ” لا تعتذروا “.
التعليقات