الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

لماذا لا نعتبر ؟ – بقلم الكاتب أ. عبدالله بن ضايح العمري

لماذا لا نعتبر ؟ – بقلم الكاتب أ. عبدالله بن ضايح العمري

 

يحكى أن رجلاً وجد أعرابياً حملَ البعير فوق طاقته … فسأل الأعرابي عن المحتوى، فقال الأعرابي : كيس يحتوي على المؤونة  – والكيس المقابل يحتوي تراباً ليتزن في الجهتين !
فقال الرجل: لما لا تترك التراب وتنصف كيس المؤونة في الجهتين وبهذا  تخفف الحمل على البعير ؟
فقال الأعرابي صدقت … !
وفعل ذلك ، ثم عاد يسأله الرجل :-  هل أنت شيخ قبيلة أم شيخ دين ؟!
فقال لا هذا ولا ذاك بل رجل من عامة الناس،
فقال الأعرابي : قبح الله “وجهه  ..”  ، لا هذا ولا ذاك  وتشير علي !!  وأعاد حمولة البعير كما كانت !!

العبر من القصة : 
1 – للأسف بعض الناس لا يهتمون بالأفكار بقدر اهتمامهم بالأسماء والألقاب المصدّرة لتلك الأفكار . ولا يعلم إن الرجال يُعرفون بالدين , وليس الدين يُعرف بالرجال 
2 – أحسن القول والفعل واقتصد في علاقاتك وتعاملاتك فالدنيا تدور لتقف بك يوما عند نفس الحدث – وكن محسنا وحليما حتى مع من اساءوا اليك . فلا يدوم حال .. فوائل بن حجر الحضرمي ، سليل ملوك اليمن ، قبل قدومه على الرسول قال (ص)  لأصحابه : – «يأتيكم بقية أبناء الملوك» ! فلما أتى “وائل” معلنا إسلامه رحّب به النبي وأدناه، ثم أعطاه أرضًا نظير ما ترك خلفه من المُلك والزعامة، وأرسل معه معاوية ابن أبي سفيان ليدله على الأرض، وكان معاوية وقتها من شدة فقره لا ينتعل حذاءً  !

فقال معاوية لوائل : – 
أردفني على الناقة خلفك !!
فقال وائل : – ليس شحًا بالناقة ولكنك لست رديف الملوك !!
فقال معاوية : – إذن أعطني نعلك !
فقال له وائل : – ليس شحًا بالنعل ، ولكنك لستَ ممن ينتعل أحذية الملوك ! 
ولكن امشِ في ظل الناقة !!
– ثم دار الزمن ، وآلت الخلافة إلى معاوية، وجاء “وائل” إلى الشام وقد جاوز الثمانين، ودخل على معاوية، وكان جالسًا على كرسي الملك، فنزل وأجلس وائلًا مكانه، ثم ذكّره بما حصل فيما مضى، وأمر له بمالٍ، فقال وائل : أعطه من هو أحق به مني، ولكني وددتُ بعد ما رأيت من حلمك لو رجع بنا الزمان لأحملك يومها بين يديّ ! 

3 – اعلم أنه لا غناة تدوم ولا فقر يبقى
4 – قد يساء بك الظن وقد يظنّك آخرون أطهر من ماء الغمام ولن ينفعك هذا ولن يضرك ذاك .. المهم حقيقة ما يعلمه الله عنك..

– فمن كان مع الله نجا – ومن ابتعد عن الله فلن تنفعه قوته وجاهه ! وماكان لك سيأتيك رغم ضعفك وماليس لك لن تناله بقوتك ، – ثق بالله ” فموسى الرضيع لم يغرق وهو في قمة ضعفه ! وغرق فرعون وهو في قمة جبروته، 

5 – دﻉ الأﻭﻫﺎﻡ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺮﺏّ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ولا تناقش من يحول الحوار إلى مشكلة  فهناك اناس ترتقي بالحوار معهم وآخرون ترتقي بالصمت عنهم  وكلما زاد وعي الإنسان وثقافته ومستواه الفكري،كلما ازداد  تجاهله لإساءة غيره لأنه يرى أنها تعكس مستواهم فلا تجعل لسانك سهماً جارح ، وكن لطيفاً مع الناس وأنت صاعد للقمة ، فربما تقابلهم وأنت نازل . 

6 – لاتحكم على ظاهر الفرد ووضعه  فقد يكون في حياته أمورًا أخرى لو علمتها لتغيّر حكمك عليه 
7 – اغرس بذور المحبة وأسقها بحسن التعامل فالحياة لن تدوم ويبقى جميل ما زرعت .
8 – لا تظن أنك تخسر حين تتغافل عن زلة – أو تقابل إساءة بالصمت فهذا سيعود بالخير لك .
9 – الأعمال بالخواتيم ، فإذا لم تحسن الاستقبال فاحسن الوداع ؛ والعبرةبكمال النهايات لابنقص البدايات ،
10– سر القبول في قوله تعالى :-   ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ” فليس عليك أن تقنع الناس بأن ما تقوله هو الحق ولكن قل ما تعرف أنه حق . فروعة الحياة تتجلى بوجود أهل القلوب النقية التي تجمع بين الطيب والوفاء والصدق والصفاء  وتعود أدراجها اذا علمت أنها في طريق الخطأ وهذه فطرة يميز الله بها من أحب .

* ختاما – اسأل اللّه “الرُشد”
– ” رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا “
– ” إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ” 
” – وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” 

فالرشد فضل من الله وهو : – إصابة وجه الحقيقة ؛ والسداد ؛ والسير في الاتجاه الصحيح. فإذا أرشدك اللّه فقد أوتيت َخيرًا عظيمًا، . ولهذا أوصانا اللّه أن نردد :  ” وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ” فالمراحل تختصر والنتائج تتعاظم ، حين يكون اللّه لك «وليًا مرشدًا».

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *