يقول ديفيد هيوم: أن تمنع التساؤل، ذلك أعظم الشرور. ليس هناك ما يجّود المنتج البشري ويزيد صلابته أكثر من النقد والمراجعة فكل المنجزات الإنسانية الخالدة خرجت من تحت عباءة التمحيص والتدقيق والنقد وكل منجزٍ لا يقع تحت طائلة المراجعة فهو جهدٌ ناقصٌ هش، وكلما كان العمل ضخماً، وجب أن تكون الأصوات المتسائلة والمتشككة أعلى، فليس من المنطق أن يُخلق منجزٌ ضخم من العدم، ثم لا يكون هناك مكامن خللٍ أو فرصٌ للتحسين والتجويد ولذلك وجب على كل صاحب منجزٍ أن يفتح عقله وصدره لكل انتقادٍ يطال عمله، ثم يجب عليه بعد ذلك أن يملك المعرفة التي تمكنه من التفريق بين النقد التافه وبين النقد الذي يمكنه من تطوير منجزه، ثم عليه بعد ذلك أن يعكس أثر هذه المعرفة على منجزه تحسيناً وتجويداً. الإعلام كسلطةٍ رابعة، هو الجهة الأكثر التصاقاً بالممارسة النقدية في حالته الطبيعية غير الموجهة أو المقيدة، وأصحاب الأقلام وأهل الفكر هم أدوات هذا الإعلام لخلق ممارسةٍ نقديةٍ حكيمة، تستشعر مكامن الخلل وتوضحها دون أن تخالف الحقائق أو تذهب بالنقد إلى غير هدفه وهو الإصلاح والتطوير، ودون أن يكون في نقدها خدمةً لأعداء المنجز، كما يجب أن يكون هذا النقد قابلاً للنقد وليس حكماً نهائياً وكبقية أمور الحياة يجب أن يكون التوقيت مناسباً فلكل قولِ أوان. ولأننا في المملكة نعيش مرحلةً حافلةً بالقفزات التنموية والمشاريع الخلاقة والمتجاوزة للأطر التقليدية، فيجب أن تكون ممارستنا للنقد بقدر فخرنا وسعادتنا بهذه المرحلة، لا يجب أن يعتقد الكاتب أو المثقف أنّ أصحاب القرار يضيقون بالنقد، فأبواب ولاة الأمر مفتوحة للناس وعقولهم مفتوحةٌ للأراء والأفكار، ولا يجب أن يكون ايقاف كاتبٍ لتجاوزه أو اساءته ذريعةً لبقية الكتاب للتراجع عن النقد والخوف غير المبرر من المساءلة، فمن واجب الكاتب والمثقف أن يقوم بدوره في النقد والتقييم وأن يضع مصلحة وطنه فوق كل اعتبارٍ وقبل كل أمر. وهذا ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله : كلمة أكررها دائماً، رحم الله من أهدى إلى عيوبي، إذا رأيتم أو رأى إخواني المواطنين وهم يسمعونني الآن أي شيء فيه مصلحة لدينكم قبل كل شيء ولبلادكم، بلاد الحرمين الشريفين الذين نحن كلنا خداماً لها، فأهلاً وسهلاً بكم، وأكرر أبوابنا مفتوحة وهواتفنا مفتوحة وآذاننا صاغية لكل مواطن .
المهندس/ خالد العمري – كاتب سعودي
k.alamri@saudiopinion.org
التعليقات