الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الإعلام العَابِر! – بقلم الكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

الإعلام العَابِر! – بقلم الكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

.

عندما تُثار قضية ويُراد لها أن تكون قضية رأي عام حسب أجندة بعض الدول والتنظيمات ويتم ترويجها وتدويلها واستغلالها سياسياً أو إعلامياً أو إقتصادياً، نجد أنه لا يتلقفها في بدايتها أو يتفاعل معها إلا الحمقى بالمجتمعات، أولئك الذين لا يترددون في حَمْل الأكاذيب ونشر الشائعات على وجه السرعة دون تعقُّل، يُسارعون في نقل الأخبار وحملها كما تُسارِع النار في إحراق الهشيم، وفي حين أن أهل الإختصاص والمعنيين بالأمر يدرسون ويتشاورون وينظرون بعين الحكمة والتروي، يكون هؤلاء الحمقى قد ملؤا المواقع ووسائل التواصل بضجيجهم وأفسدوا واصطفُّوا مع عدوهم من حيث لا يعلمون بجهلهم .. هكذا تجري الأمور في كل مرَّة دون أن يتعلم هؤلاء من الدروس والعِبَر.

إن الإعلام العابر لا يستطيع أن يحقق مآربه إلا إذا كان هناك مُتلقي “غَادِر” من المغفلين في أي مجتمعٍ يُستهّدَف، فيُستعمل هذا الغادر بعلمٍ أو جهل في إيصال القضايا العابرة والحملات المغرضة إلى أوساط المجتمع، ولك أن تتخيل تأثير هذا الغدر على تلك الأمة أو ذلك المجتمع. إن تنامي نفوذ الرويبضة والغوغاء في زمن الحروب الإلكترونية واستهداف العقول يُعَدُّ نذير شؤمٍ على الأمم إذا غاب الوعي في سوادها الأعظم وتَسَلط الجَهَلة أو كانت لهم المنابر مُشرَّعة.

إن القضايا الملغومة بالشر تنهزم عندما تصطدم بالوعي الغالب على تعداد الأمة أو المجتمع المستهدف، حيث أن الوعي يتطلب التثبت من الأخبار وعدم الإنسياق أو الخوض في مُتشابهات القضايا دون عِلم أو إختصاص، وإذا تحقق هذا المطلب انهزمت دعوات الشر العابرة واندحرت. ثم إن التروي في القضايا الشائكة هو من صميم الأمن الفكري للأمم وحماية مُقدَّراتها ومكتسباتها على كافة الأصعدة، وعلى سبيل المثال التروي في قضايا السياسة وما يدور في فلكها، والتي تحتاج إلى إختصاص أو خِبرة ودراية وبُعد نَظر وهذه لها أهلها من رواد السياسة وأربابها.

 يبقى سؤال: متى يستوعب هؤلاء المتساهلين في التعاطي مع قضايا الإعلام العابرة أن الحروب الآن لم تعد مجرد إقتتال بالأسلحة التقليدية، بل تطورت الأدوات والخِطط وأصبح هناك ما يُعرف بالهجمات الإلكترونية “السيبرانية” والهجمات الإعلامية التي تستهدف تفكيك المجتمعات وتمزيقها عبر القضايا العابرة والعقول الغادرة ؟! إن أول ضحايا هذه الهجمات هم هؤلاء المتساهلين؛ لأنهم يقعون ضحية ألاعيب التنظيمات الإرهابية والإستخباراتية والدول التي تعمل على استهداف العقول لهدم الأمم بأساليب حديثه لا يفطن لها إلا ذوي الإختصاص في مجالات الأمن الفكري وما إلى ذلك، فهل يكف هؤلاء عن الإضرار بمجتمعاتهم ودولهم!

 أختم قائلاً: إن المؤمن فَطِنٌ حَذِر، ونحن في بلاد التوحيد المملكة العربية السعودية نواجه حملاتٍ شعواء وهجماتٍ حربية وإعلامية وسيبرانية إلكترونية عَلِمَها من عَلِمَها وجَهِلَها من وجَهِلَها، والواجب الإصطفاف خلف أهل الإختصاص وعدم الإنجرار خلف أبواق الأعداء، ليبقى وطننا رمزاً شامخاً ننعم فيه ومَن يأوي إليه بالأمن والرخاء والنماء على الدوام بفضل الله تعالى ثم بتماسكنا وتلاحمنا مع قيادتنا وعلمائنا وبفطنتنا لمكائد الكائدين والأعداء، والسلام.

.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *