الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

النظام العام – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

النظام العام – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

 

مفهوم يتكرر تداوله باستمرار كونه من الأفكار الأساسية في عالم القانون وذا إرتباط وثيق بدور الدولة ومهامها المناطة بها وبما يحقق مصالحها العليا، رغم الاتفاق على صعوبة وتفاوت تعريفه حتى اليوم من خلال النظريات التي تجاذبته بغية الوصول لمفهوم متفق عليه، الأولى ترى أن دور الدولة لا يتجاوز حماية حدودها من الاعتداءات الخارجية والمحافظة على الأمن العام داخلياً، فيما تذهب الأخرى إلى أن الدولة عليها واجب التدخل عبر حكومتها في كل عمل مهما كان بغية رفع مستوى العيش للأفراد وصولاً إلى حياة الرفاه .

بينما يرى أخرون أن مفهوم النظام العام لا يمكن حصره وتحديده ولا يجب السعي لذلك  ليبقى متطوراً ومستوعباً لحركة تنامي المجتمع وتحولاته، فيما ظل فقهاء وشراح القانون يرونه مفهوماً نسبياً وإطارا شاهقاً وغاية عالية تدور في فلكها كل المصالح والمعاني التي تحقق للمجتمع منافعه المتنوعة التي يمكنها أن تستوعب كل تطورات المستقبل وتمنع كل فعل يأتي لمنع ذلك أو تعطيله .

وإن كنت أميل للقول أنه كل القواعد والإجراءات التي تضعها الدولة وتهدف لحماية كيان المجتمع وحقوقه وقيمه العليا داخلياً وخارجياً وتحقق له حياة الرفاه والاستقرار لتكون مجتمعة الإطار المقبول لما يمكن أن نطلق عليه النظام العام الداخلي لأي دولة، ليتبقى بعد ذلك كل قاعدة دولية حرة تتفق مع نظيراتها الأخرى في القانون الدولي أساس متصور ومقبول لقيام مفهوم النظام العام الدولي. ولا يرتبط هذا المفهوم كلياً بمسائل الأديان وإن كان لا يمكن في ذات الاتجاه أن يبتعد عنها لأنه قد يحمي حقاً يتصل بها كمنع التعرض لها أو للمذاهب المختلفة بالإساءة، كما أنه يحمي مفهوم عمومية القوانين في تقرير الحقوق العامة لأفراد المجتمع ويمنع تعارضها مع حقوق الآخرين .

وللنظام العام أنواع متعددة منها سياسية أو اقتصادية أو نصية أو وقائية إلا أن ما يهمنا هنا هي أركان النظام العام التي يقوم عليها لحماية وضمان حسن سير الحياة لأفراد المجتمع ومؤسساته وحماية إرث الدولة وتراثها وتاريخها وثوابتها لتكوين الأمن الفكري لها، وبناء على نسبية النظام العام وتباين الاختلاف فيه فيما إذا كان داخلياً أو دولياً إلا أن غايتهما متفقة ترمي إلى حماية كل مصلحة جوهرية للمجتمع سواء كانت داخلية أو دولية كل مصلحة بحسبها، وهو ما أعطى للقوانين المحلية الاختصاص الأصيل في أولوية التطبيق على ما سواها حفاظاً على سيادة الدولة ليصح عليها مفهوم النظام العام وفكرته الجوهرية، ولكي يقوم النظام العام الداخلي ماثلا يأتي في مقدمة أركانه وينبثق منه فكرة الأمن العام التي تعبر عن كل مظهر للاستقرار وسلم المجتمع في أي بلد وضمان التزام أفراد المجتمع بالقوانين .

ويصاحبه كذلك الركن الثاني وهو الصحة العامة ثم ركن السكينة العامة، فيما تعد الآداب العامة ركن رابع للنظام العام وهي ما يتعلق بقواعد وتقاليد تحكم سلوك الفرد السوي أخلاقياً في مجتمعه ويؤدي مخالفتها للاستنكار من الغير وأي مساس بهذه الأركان أو أحدها يعد مساساً بالنظام العام للدولة وسيادتها وسنعرض لكل ركن بقراءة مستقلة .

     

 المختصر البصري 

  • النظام العام شديد المرونة لتعلقه بسيادة الدولة وبكل مصلحة عامة للمجتمع وهو ما يتفق مع قاعدة أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة .
  • من أهم أهداف النظام العام حماية مؤسسات الدولة وأنظمتها وكافة مرافقها من أي اعتداءاتس أو تجاوزات تؤثر على حسن أدائها لأعمالها .
  • الصحة العامة هي حماية أفراد المجتمع من أي تهديد يمس صحتهم العقلية والجسدية والنفسية من خلال تنظيم الأعمال الصحية وتنفيذها والإشراف لها .
  • من أركان النظام العام السكينة العامة المتمثلة بالحفاظ على حالة الهدوء ومنع كل مظاهر الإزعاج والضجيج في الأحياء السكنية والطرق والأماكن العامة بغض النظر عن مصدرها .

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *