أرسل أحدهم عَبر سناب شات مقطعاً وهو يرمي بسلاح ناري في حفل زواج بشكل مفزع، قلت له بأن هذا التصرف يخالف نظام الدولة وهو استخدام غير مشروع للسلاح فضلاً عن تعريض حياة من حوله للخطر .. ردّ يقول: ( أرَسِلِّي رقم جوالك حتى أرسل لك المقاطع الباقية)!! كان رداً همجياً لا يُقْبل، وحَزِنْت لهذا التمادي بالجهل والإصرار على الفعل، وقلت في نفسي لدينا معضلة ثقافية إجتماعيَّة، وما هذا الشاب إلا ظاهرة من ظواهرها.
لا يمكن يا سادة أن يتطور الوطن وهناك ثقافة موازية تهدم وتُخالِف وتُخرِّب، في ظل استحياء أو تلاشي ثقافة الإنكار على مثل هؤلاء، ولو أن الثقافة الأخيرة هي السائدة لكان مِن شأنها أن تُوَعِّي وتأخذ بيد الجهل والتخلَّف إلى نور المعرفة والمسؤولية والانضباط !.
في امريكا -على حدّ علمي – يُباع السلاح بمتاجر خاصة، لكن النظام الذي يُأطِّر استخدام تلك الأدوات المميتة للإنسان يفهمه الجميع أو على الأقل الأغلبية العظمى، وهذا الفهم للنظام يُعدُّ ثقافة مجتمعية مُكتسبة من الوعي العام أو من مؤسسات وطنية تقوم بهذا الدور الهام في تلك البلاد.
موقف الشاب المستهتر استدعى إلى مخيلتي مدى عِظَم المسؤولية التي سوف تتحملها أو ستتبناها بإذن الله وزارة الثقافة في بلادنا، إذ لابد منها أن تواجه الفِكر بالفِكر والثقافة السوداوية بالثقافة التنويرية والعقول المتحجّرة بالعقول المتفتّحة ومفهوم المُخَالفة بمفهوم الالتزام والمحافظة والعقلانية.
أيها الأعزاء، لا يَصلُح بأية حال أن يتبنَّى الوطن حضارة تُجَدِدُ تاريخه وتنهض بمستقبله ثم يقضي ثُلُث الشعب وقتهم مثلاً على تويتر يتسابقون في رفع الهاشتاقات ترند!
أو تكون النجومية في عيون الجيل خروجاً عن الأدب والقيم والأخلاق في وسائل البث الحديثة، لقد منحتنا التقنية فضاءًا رَحِبَاً للتواصل مع العالم، ولقيادتنا الآن رؤية فريدة تريد من خلالها إيصال صوت الوطن إلى آذآن العالم، ولن يصل هذا الصوت إلا عَبْر أثير قِيَمَنا وأصالتنا التي يجب أن تكون صُلَّب ثقافتنا ومُنطَلق اعتزازنا!.
إن على وزارة الثقافة أن تتهيَّأ لحمّل مسؤولية التثقيف والتنظيف وإعادة هيكلة المنظومة الفكرية بالوطن إذا ما أردنا إنساناً يبني ويُفكر ويُنتِج بدلاً من الجلوس خلف معرفات تويتر حيث الصراعات الوهمية والمعارك الخاسرة والأبواق المُستأجرة.. لا زال الوطن يحتاج إلى ما هو أعظم من هذه الأفعال من أبنائه، لا زال الوطن في طور البناء والتنمية والإرتقاء.
خِتاماً.. إلى أن تتبنى وزارة الثقافة بالتوازي مع رؤية الخير في بلادنا 2030 مشروعاً تثقيفياً وطنيّاً، لابد أن يعرف أبناء الوطن أن البِنَاء والنَمَاء ينطلق من ثقافة الفرد ووعيه وأن الكِتاب هو متجر المعرفة وأن الرأي الآخر هو رأي مُعتَبر يُسمع ويُناقش وقد يُؤخذ أو يُرد؛ حتى تتعاضد العقول ويجتمع الوطن ويصمت التطرف ويواكب الجميع – بالعمل – رؤية المليك وولي عهده وحتى ينهض الإنسان والوطن على حدٍّ سَوَاء .. والسلام .
التعليقات