لم يكن مفاجئاً للمتابعين للشأن الدولي، والمهتمين بالسياسات الدولية الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في عــــــــــام (2015م). ذلك أن الرئيس الأمريكي ترامب كان ينتقد منذ فترة الاتفاق ويُعرب بأنه كان خطأ تاريخياً وكان لصالح إيران وليس لصـــــــــالح أمريكا ولا لصالح العالم. لكن المفاجأ ربما هو التجاهل الأمريكي لنصائح أصدقائه الأوروبيين الرافضين لفكرة إلغاء الاتفاقية.
لكن تفاجأ البعض بأن الرؤية الخليجية بقيادة المملكة أخذت بعين الاعتبار في إلغاء الاتفاق النووي ما جعل كثيراً من المتابعيـــــن للسياسات الدولية يعتبرون ذلك أمراً له تبعاتُه في السياسات الدولية، ويدل على أن الخليج العربي ربما أصبح في نظر أمريكا أكثر أهمية من الــــــدول الأوروبية، ولتحليل الموقف أكثر لابدّ من الرجوع للوراء قليلاً.
(1)- الاتفاق النووي الإيراني لم يتم أخــذ رؤية الدول المجاورة لإيران بعين الاعتبار في ظل الإدارة الأمريكية السابقة ما سبب فتــــــوراً في العلاقات الخليجية الأمريكية في عهد أوباما.
(2)- بدلاً من مشاركة الدول الإقليمية وعرض وجهات نظرها شاركت مجموعة من الدول الأوربية في الاتفاق التي كانت تهدف للحصــــــول على حصة من النفط الإيراني بعد رفع العقوبات المفروضة عليها.
(3)- الدول الخليجية رحبت بالاتفاقية شريطة أن يؤدي إلى نتائج ملموسة لاستقرار الأوضاع في المنطقة وكف إيران عن التوجه العدوانــي لها في المنطقة.
(4)- سرعان ما اتضح للجميع بعد عدة شهور فقط أحقية وجهة النظر السعودية حول الاتفاق وأن إيران استفادت لصالحــــــها وتوسعت في أنشطتها التخريبية في المنطقة، وخير شاهد على ذلك تزويدها للمليشيات الحوثية بالصواريخ البالستية لزعزعة أمن المملكة.
(5)- صرحت السعودية بكل وضوح وفي كافة المحافل الدولية بانتقادها بشدة للاتفاقية وأنه خرج عما أعلن عنه من أهداف بل وصار يحقق أغراضاً أخرى.
(6)- سارعت السعودية بتحسين العلاقات الخليجية والعربية والإسلامية مع أمريكا، فعقدت القمم الثلاثة في الرياض، وكانت أول زيـــــــارة للرئيس الأمريكي المنتخب ( ترامب)
(7)- أقنعت القيادة السعودية صانع القرار الأمريكي بخطورة الأوضاع في المنطقة، ودور إيران، ومن هنا اقتنعت دوائر صنــــــــــع القــرار الأمريكية وبدأت تنتقد الاتفاق علانية.
(8)- يعتبر إلغاء الاتفاق النووي نصراً لوجهة نظر المملكة الداعية لنزع أسلحة الدمار الشامل من المنطقة .
وبعد هذا التحليل القائم على التتبع لجذور الاتفاق النووي وموقف الدول المشاركة والداعية والمعارضة له ينبغي أن نقرأ دلالة هذا الموقـف الأمريكي وتداعياته على الوضع الإقليمي والعالمي.
1- من أهم الدلائل لإلغاء الاتفاق نجاح الدبلوماسية السعودية وتحقيق رؤيتها عبر الحليف الإستراتيجي (أمريكا).
2- متانة وعمق العلاقة السعودية الأمريكية ورعاية المصالح المشتركة بينهما.
3- إدراك الجانب الأمريكي لإخفاقاته في منطقة الشرق الأوسط.
4- الرؤية الثاقبة للقيادة السعودية الحكيمة، والنظرة المستقبلية لها.
5- قائد الحزم والعزم الملك سلمان، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان سمتهما الأساسية حزم الملفات بصمت وهدوء.
6- العمل بصمت وبدون ضجيج إعلامي من خلال التعاون المشترك مع الدول الحليفة سمة السياسية الخارجية في عهد ملك الحزم.
7- تأثير المملكة على القرارات الدولية بات أكثر وضوحاً من خلال الموقف الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي.
ونظراً لما سبق نجد الترحيب الخليجي لإلغاء الاتفاق النووي، والمسارعة بالتأييد الكامل للقرار الأمريكي؛ لأن هذا القــــرار هـــــو لصالحنا، والاتفاق السابق كان لصالح إيران.
التعليقات