صحيفة النماص اليوم :
أوضح استشاري أمراض الدم والأورام بمستشفى عسير المركزي الدكتور عبدالرحمن بن علي الشهري، أن أمراض الدم في مجملها تنقسم إلى وراثية ومكتسبة، وإلى سرطانية وحميدة، والوراثية مثل فقر الدم المنجلي وفقر دم حوض البحر المتوسط، ونزف الدم الوراثي، وتشوهات كرات الدم الحمراء والبيضاء وغيرها، وفي غالبها تعالج علاجا تعويضيا وتلطيفيا، حيث تكون ملازمة مع المريض وليس لها شفاء تام، وتورث من جيل إلى آخر، مؤكدا حاجة هذه الأمراض إلى برامج تثقيفية مكثفة، وتدخل من السلطات الحكومية للحد من انتشارها، كما يفعل في فحص ما قبل الزواج.
قال الشهري إن «أمراض الدم ولو أنها محدودة، فيها السيئ جدا وفيها الخفيف، وهي تشكل عبئا على مقدرات الصحة، وعلى الأسر، وفيها من المعاناة المرضية والمجتمعية والمادية ما يستدعي تكثيف البحث عن حلول جذرية، وكذلك إقامة مراكز متخصصة، والمثال الأكثر شيوعا في منطقة الساحل وفي المنطقة الشرقية من المملكة هو فقر الدم المنجلي، والذي يعاني فيه المريض من تكرر وشدة في نوبات الألم، وتخلف في النمو، وحاجة كبيره للمتابعة في المستشفى، وفي أغلب الأحيان لا يجد الخدمة الصحية المطلوبة، ومن هؤلاء المرضى شريحة كبيرة أدمنت على المخدر الدوائي، والذي يعطى بلا ضابط، وبعيدا عن المعالجة الحقيقية أحيانا من قبل أطباء الطوارئ فقط لإراحة المريض، وتصريفه آنيا».
أبان الشهري أن «الشق الثاني من أمراض الدم هو المكتسب، ومنه الخفيف جدا والشائع مثل فقر الدم الغذائي، أو الناتج عن نزف في الدم، ويكثر في صغار النساء بسبب الطمث، وعدم الاكتراث بنوعية الغذاء، والتعويض عن أمر طبيعي يحدث لكل امرأة، وهو شائع جدا بين الفتيات من سن الرابعة عشرة، وحتى عشرينيات العمر، وهناك فقر دم ناتج عن النزف في كبار السن، وفي غالبيته بسبب نزف من تقرحات، أو أورام في الجهاز الهضمي، وهذه تستدعي التحقق والفحص الدقيق».
أوضح الشهري أن «من أمراض الدم الشائعة تكسر الدم المناعي في كل مكونات الدم الثلاثة، سواء الصفائح، أو كرات الدم الحمراء، أو كرات الدم البيضاء، وهذا ناتج عن اعتلال في المناعة تتشكل بسببه مضادات مناعية تضل طريقها، وتهاجم أجزاء الدم بدل أن تهاجم أعداء الجسم من فيروسات وبكتيريا وغيرها، وفي غالبية هذه الأمراض يكون السبب الرئيسي إما اعتلالا روماتيزميا، أو سرطانيا، أو التهابا فيروسيا، أو تحسسا لدواء أو غذاء، وإذا عولج السبب ذهب المرض».
لفت استشاري أمراض الدم والأورام إلى أن «مقابل فقر الدم هناك أمراض يطلق عليها فرط إنتاج الدم، أو زيادة الدم، فإن كانت الزيادة في الخلايا البيضاء فتسمى اللوكيميا، أو سرطان الدم المزمن، وإن كانت الزيادة في الصفائح الدموية، أو كرات الدم الحمراء، أو تليف نخاع العظم، فهذه أيضا تعتبر من فرط إنتاج الدم، وفقد برمجة الخلية، وسر انضباطها، وهذه من الاعتلالات السرطانية المزمنة».
ذكر الشهري أن «أخطر أمراض الدم هي أمراض نخاع العظم من سرطان الدم الحاد، سواء الحبيبي أو اللمفاوي، وهذه يدخل في مسبباتها اضطرابات الجينات والكرومزومات وبعض الفيروسات، واعتلالات المناعة والإشعاعات والمواد الكيماوية المسرطنة وغيرها، وفي غالبية هذه السرطانات نحتاج لزراعة نقي العظم أو نخاع العظم من متبرع مطابق، ولهذه العملية تبعات آنية ومزمنة».
كشف الشهري أن «التهاب الدم الانتاني أو تعفن الدم ليس من أمراض الدم، وإنما هو عرض نتيجة وجود ميكروبات في الدم أو مواد سامة، وهذا قد ينتج عنه تكسر في الدم، وعاصفة التهابية نتيجة خروج المواد المناعية من داخل الخلايا المتكسرة، ووجود مواد سمية خارجة ينتج عنها تجلط للدم في أماكن، وسيولة مفرطة للدم في أماكن أخرى، ويحدث نزف للمريض مع تجلطات في نفس الوقت، وهذه تزيد من نسبة الوفاة بما يتجاوز الـ50%».
عن العوائق التي تواجه مرضى الدم والسرطان، قال استشاري أمراض الدم والأورام إن «من العوائق عدم وجود مراكز لمعالجة الدم والسرطان وزراعة نخاع العظم في المملكة بالشكل المطلوب، والموجودة لا تكفي إلا لمعالجة ما نسبته 10% من مرضى السرطان ومرضى الدم عموما، وقد يعود ذلك للكلفة العلاجية الكبيرة، وكذلك عدم وجود أطباء دم يواكبون حجم المرض، فلا يزيد عدد الأطباء في كافة القطاعات الصحية على 200 طبيب، ويعد عدم توافر الدواء عائقا كبيرا جدا في العلاج، وكذلك عدم توافر المكان المناسب والأيدي العاملة، وكذلك التثقيف الصحي والعادات الاجتماعية والغذائية»، مشيرا إلى أن جميع القطاعات الصحية تبذل قصارى جهدها لخدمة مرضى الدم ومعالجتهم، متطلعا إلى إنشاء مراكز عالمية مثل إم دي انديرسون، ومايو كلينيك، وغيرها في أوروبا وشمال أميركا.
التعليقات