الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

حماس تتحشرج في حنجرة ترامب – بقلم الكاتبه أ. منى الشهري

حماس تتحشرج في حنجرة ترامب – بقلم الكاتبه أ. منى الشهري

 

في عالم مثقل بالجراح ومحاط بالمخاوف وعاصف بالمفاجآت؛ تأتي زيارة الرئيس الأمريكي ترامب وزوجته وابنته إلى عمق العالم الإسلامي .. نعم الإسلامي .. الذي طالما تردد هذا المصطلح على لسان ترامب ترددا فاق غيره من القيادات الأمريكية .. طالما عبر فيه عن مشاعره تجاه المسلمين ولم يطق إخفاءها ..

ورغم الواجهات الدبلوماسية لمثل هذه الزيارات والتصريحات المعلنة عن مثل هذه العلاقات .. إلا أن مشاهد الإرهاب الأمريكي في العراق وأفغانستان لا زالت حاضرة في أذهان الشعوب المسلمة يصاحبها نبرات صوت ترامب وتعابيره وهو يتحدث عن العراق … إنه امتزاج الماضي الأمريكي بمستقبله المتنبأ به .

دع هذه الصورة جانبا أيها القاريء فالكثير إن لكم يكن الأغلب أو حتى الكل لم يحاول التصريح عنها بمناسبة هذه الزيارة .. وبقيت الأنظار تركز على مستقبل قيادتنا وتسأل الله لها التوفيق لما فيه خير الإسلام والمسلمين . ودعنا ننتقل للصورة الثانية .. إنها إيفانكا .. دعك من قدها الممشوق وشعرها الأشقر .. دعك من حجم التعليقات السخيفة اللامبالية التي استقبلت مجيئها .. دعك من ذلك كله ..

وتأمل في النماذج النسائية السعودية التي اجتمعت بإيفانكا لتعكس لها شخصية المرأة السعودية .. تعكس لها قيمها ومبادئها وطموحاتها .. وهمومها وعوائقها .. ربما تكون نماذج ليست بجديدة بالنسبة لشخصيات أمريكية .. ربما كان هناك انسجام مسبق مع زائرات السفارات ومستلهمات التمكين بقالبه الغربي البائس .

 وأيضا دع هذه الصورة الآن جانبا لننتقل للصورة الثالثة والتي جاءت تلقي ظلالها على هذه القمة وتفرض نفسها على هذه الأحداث وتضم تحت جناحيها الصورتين السابقتين وتهيمن عليهما .. إنها حماس المقاومة الفلسطينية التي وصفها ترامب في هذه القمة وأمام زعماء العالم الإسلامي بأنها إرهابية !!!

لتكتمل الآن الصورة بكل أجزائها وتتمايز ألوانها بوضوح .. نعم إنه ترامب ذو التصريحات السابقة المعادية للمسلمين .. إنه الميزان الأمريكي الذي يرتكب أبشع صور الإرهاب في العراق وغيره ثم يرمي به مقاومة نزيهة شريفة تنغص عليهم نشوة إرهابههم الشنيع . إنه ترامب الذي أراد بنفسه أن يحرج المسلمين ويشق صفوفهم ويذل كبريائهم لينسف كل حق لهم في مقاومة الجنون الصهيوني والتواطؤ الصليبي ..

لكنه ومن حيث لا يشعر أحيى الذكرى التي كادت أن تضيع وسط جموع الجراحات وكادت مفاخرها أن تغيب في يمِّ المحبطات .. إنها حماس العزة والصمود والبطولة والشرف التي كانت الملهم لبلاد الشرق الأوسط .. ذاقت الحصار قبلهم .. الاحتلال قبلهم .. والخذلان قبلهم .. وقدمت الصمود قبلهم .. بل وكانت الكأس التي تسقي شعوبنا الإسلامية جرعات الأمل كلما استفحل داء اليأس ..

فبعد العراق وجرحها الغائر ؛ تهديك حماس بين الفينة والفينة مثلا للانتصار  .. وبعد الشام وهول مأساتها ؛ تعلمك حماس مرة تلو أخرى معنى المقاومة والصمود .. إنها الحماس التي تُحاصَر سنينا طويلة فيظهر أبطالها في كبد السماء .. من تحت الثرى .. من وسط البحر .. إنها حماس التي استغلقت على الخيانة ولفظت الغلو واستعصت على المحتل .. لا عجب أن تتحشرج في حنجرة ترامب فيهذي باسمها . حماس وأي قلب ذاك الذي لا ينبض بحب حماس !!

إن تصريح ترامب الذي جرد تلك المرأة الفلسطينية البطلة من حق المقاومة وجعل من تلك العظيمة المحاصرة في خيمتها في العراء إرهابية!! جعل من تلك الصابرة التي تودع أبناءها للجنة شهيدا تلو الآخر وهم يتساقطون دفاعا عن أرضهم .. جعل منها مجرمة!! سخر من دموعها .. من عنائها .. شرعن حصارها وقتالها .. وسرقة أرضها وهدم دارها .. وسجن أبنائها .. وحرض عليها ..

ذاك التصريح أعادني إلى الصورة الثانية حيث تجلس ابنته إيفانكا أمام المرأة السعودية تتباحث معها الطموحات المستقبلية للنساء السعوديات  وتتفحص عقولهن ووعيهن .. وتتعاطف (زعمت) مع حقوقهن .. مهلا مهلا .. إيفانكا .. قبل أن تبدي إعجابك بالمرأة السعودية .. قبل أن تحملي هم حقوقها .. لن أذكرك بالمرأة البائسة الممتهنة في بلادك ..

لكن أود أن أنطلق من تصريح والدك  وأقول لك .. إن نموذج المرأة الفلسطينية الحمساوية موجود في صدر المرأة السعودية التي – للأسف – لم تلتقيها لتذكرك بما جنته أيديكم على  نساء المسلمين في العراق .. لتخبرك أن نموذج المقاومة والدفاع عن الأرض وحماية الوطن والتضحية لأجله بالأبناء والدار والمال والروح هو نموذج موجود في صدر المرأة السعودية سيظهر في أي لحظة تطأ فيها قدم عدو أرضنا الطاهرة..

نعم لقد أتيتِ دون أن تلتقي بأمهات وزوجات وبنات الأبطال المجاهدين على الحد الجنوبي ، ولو سمحت لك الفرصة لرأيت امرأة تشبه تلك التي رماها أبوك بالإرهاب تلك التي قاومت جيشكم في العراق .. إنهن جميعا مشتركات في حب الوطن والدفاع عنه والشراسة أمام من يحاول المساس به ، إنهن من صنعن أولئك الأبطال ، يزيدهن إرهابكم قوة وضراوة وصبرا وبروزا، وكشأن معظم الشريفات صاحبات البطولات التي يسجلها التاريخ فإن إطلالتهن تأتي من عمق الحدث ، لتفاجأ العدو وتقلب موازينه .

إن المرأة السعودية تؤمن بحق أختها الفلسطينية في مقاومة المحتل وتعلم بإرهاب دولتكم في حق أختها العراقية . ومن هذا المنطلق فهي تدرك جيدا أن أيديكم الملطخة بدماء الأبرياء وأفواهكم المنجسة بإفك إتهامهم بالإرهاب لن تقدم لها خيرا . إنها تعلم جيدا من أين تستقي مبادئها وتحسن قراءة حقوقها .. وتستطيع مقارنة حالها بحال النساء في بلادكم اللاتي لم تجدوا حلا لاغتصابهن وقتلهن ومضايقتهن وأبنائهن غير الشرعيين ، واكتفيتم بشرعنة الشذوذ وتمزيق ما تبقى من جدران الأسرة والمجتمع .

ولتعلمي إيفانكا وليعلم والدك .. أن الشعوب المسلمة أشد وعيا وأكثر نضجا وأقوى إدراكا من دعاياتكم المستهلكة التي تصف الشرفاء بالإرهابيين .. صنِّفوهم .. حزِّبوهم .. غنيها مع والدك وليرقص عليها معكم خونة العرب من نساء ورجال .. لكن المقاومة ماضية لا يثنيها العدوان ولا يوقفها التآمر، والمدد من الله آت لا يمنعه الخذلان ولا ينهيه الهوان .. إنه قدر ..

لو تعملون آل ترامب ما يعنيه القدر لأجيال تودع أجيالا وتعهد إليها بذلك القدر .. وسواء .. آل ترامب .. احتفظتم ببقايا جلود أسلافكم أو ضقتم بها فنبذتموها لتكونوا أكثر صراحة منهم؛ فإن الشعوب المسلمة تعرفكم جيدا .. ومن الأفضل لكم الاحتفاظ ببعض جلودكم والتزام حدودكم .

اللهم احفظ بلاد المسلمين ووحد صفوفهم ووفق قياداتهم للحق والعزة وما فيه خير الإسلام والمسلمين.
اللهم احفظ نساء السعودية بالإسلام وأعزهن بالإسلام .
اللهم انصر حماس وثبت حماس وكن لها ولكل الشرفاء المخلصين لأوطانهم عونا وسندا يا الله .

 

مقالك37

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *