انهال الكتاب بعد إعلان الميزانية السعودية لعام 2017 ميلادي بالتأييد والتسليم لخطوات الحكومة في الحد من الهدر المالي وترشيد الصرف تبعا لما يقتضيه الوضع الراهن بعد أزمة البترول وعاصفة الحزم وما إلى ذلك.
ونحن كذلك نؤيد حكومتنا فيما تراه مناسبا لاحتياطاتها الاقتصادية في هذا الوضع وإن كان في ذلك ضرر على الشعب بصفة عامة لكنه محتمل ومقدر من قبل كل أطياف المجتمع.
لم يخل موقف الكتاب والمغردون من سقطات إعلامية تقلل من شأن الشعب والاستهزاء به واحتقاره ورميه بالسفاهة والطيش والترف. هذا ما رأيته من أحد المغردين عندما اتهم الشعب بأنه شعب (مهايطي!) ولا يستحق الراتب الذي تصرفه له الحكومة. ثم تعدى ذلك مغرد آخر فقال إن الشعب السعودي يفترض به أن يعمل لمدة عام كامل بدون راتب مقابل 20 عاما من الرفاهية والترف الذي أغدقته عليه الحكومة. كما شارك في هذه المهزلة أحد أعضاء المجلس الشورى الذي يصرف له المكافآت والمخصصات ويدير الشركات ويستولي على العقود والمناقصات فيقول: على الشعب أن لا يتذمر حتى لو حسم راتبه كله!
إذا كان هذا الشعب المسكين هو الضحية لأخطاء مسؤولين لم يكن بيد الشعب اختيارهم ولا حتى التأثير عليهم فعلى الأقل لم لا يحفظ لهذا الشعب كرامته عندما يتحمل خطأ غيره ويتقبل ذلك بالاحتساب والتفهم. وأي رسالة يريد أن يوجهها هذا الكاتب المتغطرس بعد ان التقى مسؤولا رفيعا في الدولة ثم يحكم على الشعب كله بأنه مهايطي ومترف ولا يستحق راتبه؟!
ماذا لو فعل هذا الشعب مثل فعلة شعب اليونان في عام 2013 عندما أضرب عن العمل وخرج في مظاهرات ملأت اليونان احتجاجا على الوضع الاقتصادي في البلد الذي تسببت به الحكومة ودفع ثمنها الشعب اليوناني ثم أدى لخروجهم من منطقة اليورو؟!
في السعودية علاقة وثيقة بين الشعب والقيادة يعتمد عليها في كل خطوة اقتصادية تتخذها القيادة وتؤثر على الشعب. ولعل رؤية 2030 ظهرت بخطة تنموية لتحسين المستوى الاقتصادي. لكن عندما يقف بصفها هذه الزمرة المتعالية يستحيل أن يتقبلها الناس أو حتى يحسنوا بها الظن. فكيف لهم أن يحسنوا بها الظن عندما يتلقون مثل هذه التعليقات التي لا تبقي من الولاء والاحترام إلا اليسير بعد أن جرت عليهم الضرائب والرسوم واستُقطِع من الرواتب وأوقفت العلاوات ورُفع الدعم والله أعلم ماذا يخفي لنا الزمان.
لربما لا زالت الأزمة في بداياتها ولربما تحتاج الحكومة لخطوات قادمة أكثر تقشفا تؤثر في مستوى دخل الفرد على كافة طبقات المجتمع. ونحن لا نعلم أي ظروف قادمة ستحل بنا إن لم نساعد هذا الشعب على التمسك بالحكومة والتوحد ضد الأخطار الداهمة حتى وإن ضحى بماله. وإن لم نحسن التعامل مع هذا الشعب في مثل هذه الأزمة فإنه لن يحسن ردة الفعل في موقف أشد صعوبة في مستقبل الزمان.
التعليقات