كنتُ قد كتبتُ عدّة مقالات عن الأزمة السورية منذ بدايتها، ومنها مقال بعنوان هذا مايخيف أميركا من سقوط بشار، ومقال أخر بعنوان ألا يكون الفيتوالروسي الصيني متفق عليه؟!
وقد ذكرتُ في بعض تلك المقالات وقبل أن نعرف داعش، أن الغرب والشرق وهما اللذان يحرصان على أمن إسرائيل لن يقفا مكتوفي الأيدي، بل سيصنعان وتحت أعينهم جماعة إرهابية متطرفة يتفق العالم على خطرها وعلى التحالف ضدها ليبقى نظام بشار من أجل أمن إسرائيل، ومن أجل تحقيق مصالح إستراتيجية واقتصادية تخدم كلاً منهم.
وهاهي داعش تُصنع على أعين المتأمرين على اهل السنّة في البلاد العربية. وبعد خمس سنين عجاف بائسات ممتلئات بالمآسي والخطوب والدماروالعار على سوريا خاصة وعلى بلاد العرب قاطبة، تتدخل روسيا بقضها وقضيضها لتحرق وتقصف وتدمر حلب وماحولها من سوريادون أن ترعوي أو تقف عند حد بل إنها في كل يوم تزداد في شراهتها ودمارها ضد شعبٍ أعزل يذبحه رئيس نظامه صباح مساء منذ خمس سنين ونيف!
وكل هذه المآسي في سوريا من أجل عدة أهداف يتفق عليها ويسعى لها كلٌٌ من :
١- إسرائيل التي تعلم أن حمايتها العريقة من شمالها قد تولى أمرها النظام السوري، فهي لاترغب في البديل عنه.
٢- روسيا والصين واللتان تحرصان على تأمين منافذ لها بعد أن خنقتهما أميركا في أماكن متعددة، لاسيما بعد إحتلال افغانستان والعراق، ولرغبة روسيا في موضع قدم لها في الشرق الأوسط بعد أن تفكك الإتحاد السوفيتي وقد كان له مواطن متعددة فيه، بالإضافة إلى تناغمها مع إسرائيل التي صنعتْ وتصنع بوتين وقد أوصلته للسلطة عن طريق عميلها الهالك الرئيس الروسي السابق يلتسين!
٣- أميركا التي لاشك أن هواها من هوى إسرائيل، والتي لاترغب في أن يتسلم الإسلاميون السلطة في سوريا أوحتى يشاركون فيها، لذا فهي تخشى الجهاد السني المعتدل، ولاتخشى المتطرف الذي تعلم أنه سينصاع لها،رغبةً أورهبة!
٤- إيران التي تعزف على جميع الأوتار الشرقية والغربية والإسرائلية، لتوسيع نفوذها وبسط هلالها على الجزيرة العربية من الشمال، فهي حليفة لروسيا تقليدياً وحليفة لأميركا براغماتياً من أجل جعلها هي القوة الإستراتيجية الإسلامية بدلاً من القوى السنية في المنطقة، وإيران حليفةٌ لإسرائيل من تحت الطاولة منذ بداية الثورة الإيرانية لتقاطع المصالح المشتركة بينهما وهو العداء لأهل السنّة التي تخشاها إسرائيل لأنها هي الإسلام الذي سيجتثها من جذورها يوماًما.
إذً .. فكلُ مانسمعه بين أميركا وروسيا من خلاف حول سوريا، ليس إلا مسرحية أبطالها كيري ولافروف، مع كمبارسها (السيسي) الذي يأتمر بأوامر أميركا وإسرائيل وروسيا أيضاً، فالجميع على قلبٍ واحدٍ وعلى غايةٍ واحدة، وهي الحرص على أمن إسرائيل في الشرق الأوسط، مع تسهيل كل المصالح التي يتطلبها العمالقة أميركا – روسيا – الصين!
التعليقات