يخطئ مسيِّرو السياسة الأمريكية عندما يظنُّون أن بمقدور بلادهم كقوَّةٍ عظمى إقناع العالم بفرض تفسير لمصطلح ( الديمقراطية ) الذي تتبناه من منظورها الأحادي وتنطلق من هذا التفسير من منظورٍ أُحاديٍ الى أنها أجازت وتجيز لنفسها ما قامت وتقوم به من عربدةٍ وإنتهاك صارخٍ لأبسط مبادئ حقوق الإنسانية في كثيرٍ من دول العالم .
ولتسليط الضوء على الديمقراطية من هذا المنظورٍ الأمريكيٍ الذي يتَّفق مع مصالحها فقط دون مراعاة لمصالح الآخرين حتى لو كان ذلك يمرُّ عبر إذلال من يريد من شعوب الأرض العيش في وطنه بكرامةٍ كفلتها له كل الأديان السماوية وقوانين التعايش على هذا الكوكب ، وبالمقابل فعندما يتعارض أي مفهومٍ آخر مع مصالح أمريكا فإنها تعمد إلى التفنُّن في إنتهاج وسائل عدوانيةٍ إنتقاميةٍ متعددة :
? كأن تدعم تنصيب من يدين لها من حكام تلك الشعوب المغلوب على أمرها بالطاعة والولاء المطلق ، فلا ضير في أن يمضى ذلك الحاكم المأجور عقوداً على هرم السلطة في وطنه عكس ما هو معمول به في نظام رئاسة الدولة في أمريكا نفسها طالما أنه يقدِّم القرابين المتمثّلة في قهر مواطنيه وسرقة ثروات بلاده وفرض الإتاوات عليهم ليبقى هاجسُهم الوحيد توفير لقمة العيش فقط وفي ذات الوقت لا يضمر شراً لربيبتها الدولة الصهيونية المتغوِّلة في الأرض العربية منذ مايزيد عن 70 عاماً ..
ولكن بمجرد ما يتوجَّس الأمريكان منه ريبةً أو يصدر عنه تصريحٌ عابرٌ حتى لو كان غير مقصودٍ فسرعان ما يخطِّطون إلى إفتعال أسبابٍ تمنحهم فرصة تأليب شعبه ضدَّه مبرِّرين ذلك بحرصَهم على تحقيق الديمقراطية لذلك الوطن وشعبه فتنطلي الخدعة ، بينما الحقيقة أنَّ ذلك ليس حباً في ذلك الشعب ولا كرهاً في الحاكم ولكن لأنَّ دوره المرسوم له في مسرحيتهم الهزلية قد أنتهى ويريدون إثارة الفوضى الخلاقة في هذا البلد أو ذاك ، والأحداث والوقائع ماثلة للعيان …..!! فمن يقاضي أمريكا ؟
? وكمثالٍ آخر لفرض ديمقراطيتها بالقوة هو ما شاهده العالم عند إحتلالها العراق وما مارسه جيشُها الغازي من ممارساتٍ وإهاناتٍ في سجن أبو غريب وقد تابع العالم بأسره عَبَر الفضائيات كيف سامَ فيه الجنود الأمريكان العراقيين صنوف العذاب ممّا يندى له جبين الإنسانية ويتعارض مع كل الأعراف وقوانين حقوق الإنسان الدولية . وبعد أن فرغوا من بثِّ الرعب في نفوس العراقيين وكأنهم يقولون للشعوب المجاورة بأنهم سيواجهون ذات المصير قاموا بتسليم العراق بيد حفنةٍ من الخونة العراقيين أتباع الدولة الصفوية الذين تبيَّن بأنهم يقدِّمون ولاءهم لإيران حتى على حساب المكون الشيعي العراقي والذي لا يتجاوز في الأصل 38% من تعداد الشعب العراقي ……!!
فمن يقاضي أمريكا ؟
? ثم هاهي تخرج لنا وبكل وقاحةٍ وغطرسةٍ بقانون تفصِّله بمقاسات تتواءم مع رغباتها وتضع موادّه بما يتفق مع توجهاتها الإستفزازية لنا كسعوديين ولكل الدول والشعوب الأبيَّة التي تأنف الذلَّ و الظلم ، فتخرج لنا بما أسمته : ( قانون العدالة ضد الإرهاب ) المختصر في لفظ جاستا والذي تجنَّبت فيه عن خبثٍ ومكرٍ مكشوف وضع مصطلح (العلميات العسكرية) لتسوِّغ لنفسها إستبداله بما تصفه -بالعمليات الإرهابية – في حين أن ما قامت به ضد الشعوب والأوطان الأخرى التي أعتدت عليها هو إرهابُ دولةٍ ممنهج ولتتمادى من خلال هذا القانون في غزو البلدان دون رادعٍ متناسيةً وليست ناسية فظائعها التي تفوق الأعمال الإرهابية وفق ما تقدّم التنويه عنه……..!!
فمن يقاضي أمريكا؟
? آن الأوان لأنْ نقولَ لأميركا كُفِّي عن الغطرسة فأن الجميع قد استوعب بأنَّ هذه كذبةٌ كبرى وأنَّ شرفاء العالم الذين يتقدَّمهم وطني بقيادة ولاة أمره أدركوا بأننا نعيش في القرن الواحد والعشرين وأن أمريكا لا تطبِّق من ديمقراطيتها المزعومة سوى استخدام هذا اللفظ في مكاتباتها مع العالم أو في خطب الرؤساء الأمريكيين الذين كثيراً ما يتشدَّقون بهذا المصطلح عندما يخاطبون الشعب الأمريكي أوعندما يخاطبون العالم في حملاتهم الإنتخابية ..
ثمَّ سرعان ما يسقط القناع عن هذه الدعاية الزائفة بمجرد ما يدلف الرئيس المنتخب إلى المكتب البيضاوي ذي القرارات (السوداوية) التي لم تقدِّم للعالم إلاَّ الدمار والويلات منذ أن صبَّت طائراتها في غزوها لليابان قنابل الموت والعاهات المستدامة على هيروشيما ونجازاكي ، ثم في حربها الظالمة على فيتنام ثم في مخططاتها الشيطانية لإسقاط الإتحاد السوفيتي عبر أفغانستان وما أدراك ما أفغانستان وما تمخَّضَ عن ذلك التخطيط من ظهور فصائل إرهابيةٍ صنعتها CIA كالقاعدة التي جعلت منها مثلاً يحتذى لما تبعها من فصائل أخرى بمسمياتٍ لتدغدغَ بها مشاعر السُذَّج من المسلمين الذين لم يفهموا من الإسلام حتى الأصول الثلاثة الواجب على كل مسلمٍ فهمُها والعملُ بمقتضاها .
التعليقات