الإثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

هل إستفاد التغريبيون من الدواعش حقاً ؟ – بقلم الكاتب أ. رافع بن علي الشهري

هل إستفاد التغريبيون من الدواعش حقاً ؟ – بقلم الكاتب أ. رافع بن علي الشهري
 
 
 
لايختلف إثنان على أن أثر الفكر الداعشي المتطرف على المجتمعات الإسلامية كافة والعربية خاصة، خطير جداً، ولم يشهد له التاريخ مثيلاً، فالفكر الخارجي الأول الذي بدأ في القرن الأول الهجري كان فارّاً من الكفر بجهلٍ وصلف وكان  يعود منهم الكثير للحق والصواب حين يُبين لهم كماحدث هذا بعد مناظرتهم للصحابي الجليل عبدالله بن عباس.
 
غير أن الفكر الداعشي المعاصر يختلف تماماً، فقد فرّ من أحضان الهدى والصلاح وارتمى في أحضان  الهمجية والغلو والإنحراف،  ولازال يتحالف سرّاً مع أعداء الإسلام حتى اليوم، وسينكشف أمره علناً  قريباً .. فقد بدت  خيوط التأمر تتفكك قليلاً قليلاً، ومايحدث في سوريا والعراق وليبيا لأكبر دليل على التربص بأمّة الإسلام ( والسنّة بالذات ) ومن تحت الطاولة .. ومن وراء الكواليس!
 
ولايختلف إثنان على أن المتضررين هم أهل السنّة فقط، في جميع بلاد المسلمين وليس في مناطق الصراع فحسب. وقد إستفاد الصفويون من داعش في العراق وسوريا بالقضاء على  أهل السنة بحجة القضاء على  داعش، واستفادت روسيا والغرب من خلق ذريعةٍ  كاذبة لهم ( محاربة داعش الإرهابية ) بالقيام بالمشاركة في الحروب على أهل السنّة في العراق وسوريا وليبيا، وإضعاف السنّة أمام مستقبل إسرائيل الأمني وأمام النفوذ  الصفوي الموعود، ليكون حليفاً إستراتيجياً وأمنياً  للغرب وروسيا وإسرائيل أمام العملاق النائم ( السني )!
 
بيد أن التغريبيين المحسوبين على أهل السنّة العرب، في البلاد العربية كافة والخليجية خاصة، قد استفادوا كثيراً من الفكر الداعشي، لنشر أفكارهم اللبرالية التغريبية بين المسلمين، من خلال قنوات الفساد التي يسيطرون عليها تماماً والكثير من وسائل الإعلام المقروءة كالصحافة التي يتوغلون فيها، بصورة مذهلة ومشينةٍ غريبة، فجلّ كتابها دعاة للتغريب وبشكل علني فاضح بائس!
 
حقاً لقد استفادوا من الفكر الداعشي، لأنهم ومنذ أن بدأت داعش، وصُنعت على أعين الصهيوصفوية، اختطف التغريبيون هذا المنتَج  الفاسد،  وبنفس الأسلوب والمعيار الذي  يتخذه الصهيوصفويون، وهو جعل داعش محسوبة على كل نفَسٍ إسلامي سنّي، ليقضوا على أهل السنّة ديمغرافياً من خلال هذا البهتان الجائر، وهذا مما يجعل التغريبيين يواجهون الثوابت الإسلامية والقيم الدينية ورموز العِلمَ الشرعي والفكر المتدين المعتدل في بلدانهم من خلال تلك الأهداف التي بناها الصهيوصفويون والدواعش.
 
فمن يعود  بذاكرته قليلاً ويركز فيما كُتب وقيل ومايكتب حالياً ومايقال عن المجتمع السعودي على سبيل المثال، كقول أحد كبار كتابهم، إن في  كل بيت سعودي داعشي! وماتبثه قنوات الفساد من سخرية وتشويه وتضليل لدعاة وعلماء هذه  البلاد المباركة، بالمسلسلات والدراما والكوميديا ( كسلفي ) مثلاً وغيرها لايكاد  يحصى.
 
لقد إستطاع التغريبيون بمكرهم أن يرسموا لفكرهم الوافد الدخيل، خطّاً غريباً إخترقوا به المجتمع المحافظ، وجعلوا على ضفافه كل وسائل الإنفتاح الغير بريئة من لهوٍ وسفور واختلاط بين الجنسين من التغريبيين واللبراليين، وأهل الأهواء فقط. ولا أقول من المحافظين … فنساء المحافظين الذين يشكلون الشريحة الكبرى في هذا المجتمع النبيل، دررٌ مكنونة مصونة، لاتتعرض ولا تُعْرض على قارعات الطرق والأسواق والنوادي أبداً ، وكذلك ًأبناؤهم أهل تقى وصلاح واعتدال،  ولله الحمد.
 
 ولكن .. لقد وصل الحال وللأسف الشديد إلى الدعوة لكل هذه التجاوزات عبر كل الوسائل الإعلامية، دون حياء أوخجل، وعلى  رؤوس الأشهاد، مع الصمت الرهيب، لكثيرٍ من الدعاة والعلماء والناصحين والمسؤولين والوجهاء المعروفين الذين يعول عليهم في إنكار المنكرات وإصلاح المجتمعات، والذين قد أَوكل لهم ولاة الأمر – حفظهم الله – مسؤولية النصح والإرشاد وتعليم الناس وحثهم على التمسك بالثوابت الدينية والقيم الحميدة،
 
ولاسيما في هذه الفترة الحرجة من تاريخ بلادنا الغالية، والتي  يرابط على ثغورها رجالٌ أوفياء يدافعون عن الدين والوطن ويحتاجون من كل مواطنٍ للدعم المعنوي والتأزر والدعاء، لاتفعيل السهرات والإختلاط، فالنصر والطرب لايجتمعان!!! 
 
ومن البديهي أن هذا الصمت والإنكفاء ناتج  عن أمرين هما :
١- حجب الإعلام كاملاً عن كل من يعارض التغريب والفكر اللبرالي،  إلا النزر اليسير الذي لايكاد يبين.
٢- الحملات التشويهية ( كالفوبيا ) التي إستغلها التغريبيون فرفعوها وطبّلوا لها، وهي نعت كلَّ متدينٍ أومصلحٍ  إجتماعي أوموظف مخلص مسؤول بأنه داعشي ظلماً وجوراً وبهتاناً …. مما حدّ وقلل من الدعوة والإصلاح والتناصح، وهذا ماجناه التغريبيون من فكر داعش المتطرف ليرموا به أهل التدين والإعتدال ليكثر الإنحلال !
 
 
مقالك248
 
 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *