الإثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

* الانتهازية التغريبيّة من خلال البرامج والمسابقاتٍ الرياضية * – بقلم اللواء م . محمد مرعي العمري

* الانتهازية التغريبيّة من خلال البرامج والمسابقاتٍ الرياضية * – بقلم اللواء م . محمد مرعي العمري

منذ أن استيقظ الغرب من سباته وجهله المطبق طوال الحقبة التي عُرِفتْ بالقرون الوسطى – عندما كان فيها قصب السبق للحضارة الإسلامية ببلوغها شأواً بعيداً في مختلف العلوم النافعة للبشرية وبعدما وضع علماءُ المسلمين الأسسَ والنظرياتِ الدقيقةَ لمختلف علوم الطب والفلك والطبيعة والرياضيات التي لازال العالم وسيظلُّ مديناً لهم بها – فمنذ قيام الثورة الصناعية خطَّط الغربيون الحاقدون الجاحدون وما فتئوا يكيدون لضرب الإسلام وإظهار حقدهم الدفين ، فرسموا خطين متوازيين يسيران جنباً إلى جنب :

* فالأول * : يقوم على الاعتناء بتراث الحضارة الإسلامية النفيس في شتى العلوم وتطويره والإفادة منه ونجحوا في ذلك نجاحاً باهراً .

* والثاني * : يرتكز على السعي الحثيث لمعاداة المسلمين وإفقادهم هويتهم وإذابتها في وحل التغريب وتصدير مظاهر وممارسات المدنيَّة الزائفة التي تقوم على الانحلال الخُلُقي والسفور والاختلاط ؛ للنيل من المجتمع الإسلامي الذي يستلهم طريقه ويستمدُّ منهاج حياته  من أطهر وأنقى مصدرين للتشريع وهما الكتاب والسُنَّة لصون كرامة البشرية وحفظ المجتمعات رجالاً ونساءً من مزالق الفتن والشرِّ ، وللأسف أيضاً نجحوا في ذلك إلى حدٍ بعيدٍ .

وبعيداً عن القول أن في هذا استسلام لعقدة المؤامرة ، فالمؤكد أن ما حلَّ بالأمة من انحرافٍ وخذلانٍ وهوانٍ نظراً لمخالفة ما حذَّر عنه رسول الهدى عليه أفضل الصلاة والسلام من اتباع سنن الضلال وذلك بالتقليد الأعمى والارتماء في أحضان الخطط التغريبية التي باتت تصلنا معلَّبةً بكامل خططها وأهدافها ويبقى علينا فقط أن نبادر بلا تردُّدٍ إلى تطبيقها بالكامل دون أن نخضِعها للدراسة وأخذ النافع منها وترك ما سواه .

والمقام هنا لا يتسع لاستعراض مظاهر التغريب الممنهج سواءً ما كان عبر وسائل الإعلام المتعددة من قنواتٍ فضائحيةٍ بأموال المسلمين أنفسهم أو من خلال ما يُصَدَّر لنا من تطبيقات  التواصل المجتمعي المتعددة التي بلا أضحت بلا قيود، أو إقامة مهرجاناتٍ هابطةٍ غزت معظم المدن السعودية كمهرجانات الأزياء والغناء والتي لا تتمُّ عادة إلاَّ من خلال استجلاب شركاتٍ رعايةٍ منظمةٍ من الخارج لتنظيم تلك المهرجانات وحتماً لن يراعي القومُ خصوصيةَ وثوابتَ الدين الإسلامي الحنيف  .

ومن التوجه الجديد الذي يندى له الجبين ويدمي الأفئدة هو أن يتم التخطيط لاستهداف أهم وأكثر فئات المجتمع تعداداً وهي فئة الشباب الذين غالباً ما يكون إعتماد الأوطان عليهم في المساهمة في  التنمية والبناء  والذود عن الحدود بحيث يتم استهدافهم عبر المناشط الرياضية وإقحام هذه الفئة من الجنسين في المشاركة في مسابقاتٍ مختلطةٍ داخل الوطن وخارجه تحت مبرراتٍ مكشوفة .

ولو كان الأمر مقتصراً على استهداف بعض فئة الشباب المهتمين بالكرة لقلنا أن الخطر أخفُّ وطأةً وأنها لتفريغ طاقاتٍ خاطئةٍ ولمرحلةٌ عابرةٌ ولكن أن تُستَغل سطحية بعض السعوديين حتى من كبار السن وهوسهم باللعبة الشعبية الأكثر جماهيريةً ورواجاً وهي كرة القدم ليُضَرَبَ المجتمع في عقيدته وأخلاقياته ويخرج من هؤلاء الجهلة للملأ من يعطي إنطباعاً بأن هذا هو المجتمع السعودي قد تخلَّى عن ثوابته ومبادئه وتقاليده وبات متحضِّراً فهاهو قد شدَّ الرحال إلى أوروبا لمتابعة مباراة كرة قدم بين ناديين سعوديين .

وسأستعرض مع القارئ الكريم شيئاً من مشاهداتي ومتابعتي لأحاديث بعض الجهلة الذين آثروا السفر إلى بريطانيا مصطحبين عوائلهم لمشاهدة مباراة السوبر المنتظرة  وتمَّت استضافتهم في قنوات مجموعة mbc الفاسدة التي غُرِزتْ في خاصرة المجتمع السعودي وقابلها ولا زال يقابلها صمتٌ مريبٌ من الجهات الرسمية المعنيَّة سواء الإعلامية أو الدينية .

فقد عبَّر أحد المحسوبين على المثقفين السعوديين وهم أكاديميٌّ متخصصٌ  في التربية النفسية – دون ذكر الأسم – عبَّر ببعض هرطقاته التي تمثِّل فكره الضحل وإليكموها نصَّاً :

( السعودية لم تعد دولةً منغلقةً بل باتت دولةً مصدِّرةً للرياضيين )

( آن للسعودي أن يظهر للخارج ولا يبقى ساكناً في وطنه )

( لا أرى بأساً أن تحضر العائلة السعودية للملعب فهو كوجودها في السوق أو المستشفى )

وفي مشهدٍ آخر- وأراه والله مخزياً- من خلال مقابلةٍ في أحد شوارع لندن مع رجلٍ تجاوز الستين من عمره وكان يصطحب إبنته العشرينية التي حضرت هي الأخرى من فرنسا لمقابلة والدها حيث كما ذكرا اتفقا على حضور المباراة وكلاهما يرتديان زي النادي الذي يشجعانه تحدث المذيع مع الفتاة على مسمعٍ من أبيها وسألها عمّن تراه من لاعبي النادي سيحسم المباراة ……..!!

أكتفي بِما تقدم إيضاحه وللمرء العاقل أن يقيِّم الحال التي وصلنا إليها .
وأختم بتوجيه نداءٍ إلى المسؤلين عن الرياضة في وطننا أن يتَّقوا الله فيما أنيط بهم من أمانة سيُسألون عنها يوم
لا ينفع منصب ولا جاه وحين توفَّي كل نفس ما كسبت وإلى الله المشتكى .!!

m-malamri@hotmail.com

 

مقالك248

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *