قال تعالى : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } النحل 112 .
لم تكن مفاجأة عندما قرأت في وسائل التواصل مشاركاتٍ لذوي التوجهات التغريبية وأرباب الأصوات الناعقة الذين عُرِفُوا بمحاولاتهم لاستغلال أي سانحةٍ لبثِّ توجُّهاتهم الدخيلة بهدف النيل من خصوصية مجتمعنا ، ظهر ذلك من خلال الانتهازية المكشوفة التي راجت بعدما تناقلت بعض وسائل التواصل رسالةً مجهولةَ المصدر ومنسوبة إلى الأبطال المرابطين على الحد الجنوبي تنتقد إقامة إحتفالاتٍ ( مختلطةٍ ) خلال أيام العيد سِمَتُها السفورُ والإختلاط وحضر بعض الأسر لمتابعة فقراتٍ هابطةٍ على المسرح .
غير أن ما أثار الدهشة واسترعى الإنتباه أن يبادر البعض إلى التعبير عن استيائهم من تداول تلك الرسالة وأنها ذُيلت بتوقيع المرابطين على الحدالجنوبي وَأنَّا وإن كنتُ أتفق إلى حدٍ كبيرْ مع من يرى فيها تقوُّلاً وافتراءً على أبطالنا وأنها تنطوي على إستغلالٍ مكشوفٍ لربط تلك الإحتفالات بتواجد الجنود البواسل على الحد الجنوبي .
لكني في ذات الوقت ضد أن يمارس البعضُ إنتهازيةً أخرى بمحاولته التقليل من مضمون الرسالة من حيث إنتقاد فعاليات تلك الإحتفالات فالعبرة بالغاية مما عُرِض فيها وعمَّا إذا كان ما ذُكِرَ في الرسالة أمرٌ يليق بِنَا كسعوديين في بلدٍ حباه الله بخصوصيةٍ لا تتوفر لغيره من أقطار المعمورة بأن كان وسيظلُّ بإذن الله منارةً للإسلام ومهوى أفئدة المسلمين كافَّةً ؟؟
وبطبيعة الحال فوجهة نظري في هذا المقال لا تشمل الإحتفالات والمناسبات التي تميَّزت بإعتزاز بعض مواطني المملكة بموروثهم الثقافي والشعبي وإبرازه للتذكير بالماضي المشرف لهم والتي بالتأكيد تخلو من السفور والإختلاط ، فشتَّان بين الحالتين .
فقد كان الملفت في تلك الإحتفالات التي أعنيها هو كما تقدم الإختلاط والسفور ومن خلال حضور بعض الممثلات من دولٍ مجاورةٍ ووقوفهن على المسرح جنباً إلى جنب مع الرجال الأجانب عنهن وكلُّ ذلك تحت دواعٍ ضعيفةٍ لا يجب أن تنطلي على كل ذي لُبٍّ يعرف ثوابت دينه ، حيث زعموا كذباً وتضليلاً أن إقامة مثل تلك الفعاليات هو للتعبير بأنَّ الفرح دليلٌ على الإستقرار والطمأنينة ، وبأن الحياة تسير في أرجاء وطننا الغالي بشكلٍ طبيعي ، ونحن في هذه المقام نزجي لله العرفان والثناء على ما ننعم به من دِعَةٍ وأمنٍ ووحدة كلمةٍ تحت قيادتنا الراشدة .
غير أن شكرَ النِّعمِ لا يكون بترديد مثل هذه الأعذار الواهية والمسوغات البليدة ، وبغضِّ الطرف عن الممارسات الخاطئة التي ينذِرُ استمراؤها وعدم إنكارها بعواقب وخيمةٍ ، كيف لا وتلك الإحتفالات أقيمت في مدينتين غاليتين من مدن وطننا الحبيب إحداهما لا تبعد عن الحرم المكِّي الشريف حيث مهبط الوحي سوى 70 كيلاً والثانية لا يفصلها سوى ما لا يزيد عن 100 كيلومتراً حيث يتواجد حماة العقيدة والوطن على ثغوره الجنوبية المنيعة بإذن الله .
فحريٌّ بِنَا ونحن نستلهمُ واقعنا أن نقول لدعاة الإنحلال والتغريب والإختلاط كفُّوا عن إستغلال مثل هذه المواسم لإظهار عفنكم ومحاولاتكم البائسة كما أهيب بالقائمين على تنظيم مناسبات الأفراح
والفعاليات التي تقام عن طريق الجهات الرسمية المخوَّل لها إقامتها أن يتقوا الله فيما منح لهم من صلاحياتٍ ومساحاتٍ تنظيميةٍ وأن يراقبوه سبحانه . والله يتولانا بلطفه ونسأله سبحانه أن يخذل الباطل ودعاته وأن ينصر الحقَّ وحماته إنه على كلِّ شيئٍ قدير.!!
التعليقات