الإثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

ماالذي اخترق الأسْرة السعودية؟ – بقلم الكاتب أ. رافع بن علي الشهري

ماالذي اخترق الأسْرة السعودية؟ – بقلم الكاتب أ. رافع بن علي الشهري
 
 
تعتبر الأسْرة هي النواة الحقيقية الأولى للمجتمعات  والأمم، والمكون المؤثر في السلوك العام، حين تتناغم فيما بينها بما تفرزه بين مجتمعاتها من ثقافات وسلوك.
 
ولايختلف إثنان  على أن التأصيل الأول للأسرة  المسلمة عامة والسعودية خاصة هو  الأصلح  على  مستوى العالم أجمع فتعاليم  الإسلام  كافية   شافية، لتكوين المجتمعات  الناجحة …  ولكن المعضلة التي تشكو  منها الأسرة  المسلمة  هي الإختراق من الإتجاهات المعاكسة لها!!
 
وتعتبر الأسرة  السعودية على   قائمة الإستهداف الأول  من المتأمرين على الإسلام والديار السعودية، لتذويب الهوية السنية   المعتدلة   والعربية الأصيلة، والتخطيط  لضرب الإعتدال بالإرهاب، وجعل    البديل  هو    التغريب    المليء بالحريات المطلقة،   والخنوع  والإنبطاح!
 
ومن   البديهي أن  السعودية حفظها الله ذات تأسيس دستوري صلب قوي، وذات إستراتيجيات عالية   جداً في الكثير من مرافقها الرئيسة، والتي تجعلها عصية على الكثير من التحديات،   وعلى سبيل المثال من ذلك، التعليم   العام والقضاء، والدعوة والإرشاد، والمنبثقة جميعها من كتاب الله وسنة   رسوله صلى   الله عليه وسلم!
 
غير أن الأسرة السعودية  قد نجحت نجاحاً باهراً خلال وبعد فترة الصحوة بفترات وجيزة، في رقيها الديني المعتدل  والذي   أثار  المتأمرين والداعين إلى  اللبرالية والحداثة الفكرية والإجتماعية والتغريب المتناغم في الداخل مع المكْر الخارجي البغيض، وهذا ماجعل الأسرة السعودية تتعرض   للإختراق  المعادي، وقدانهزم بعضها   وسقط تحت   سهام الإختراق، وإن كانت  لازالت حالات   نادرة،   لكنها ذات مؤشرات خطيرة   تنبئ ببداية إذكاء نار الإختراق المعادي للدين والوطن.
 
 ولو تسائلنا  عن مصادرومسببات هذه الإختراقات التي تتهاوى   وتنصبّ على الأسرة السعودية نجدها وبكل صراحة وشفافية تنبثق من مصادر عدة، إلا أن أصولها الرئيسة تكمن فيما يلي:
 
١- عدم الرضا عن المسلمين السنة من جميع المخالفين للإسلام، وإن خضعوا للمصالح الدنيوية والبراقماتية، والأنظمة الدولية، قال تعالى وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ   مِن ولي ولانصي )،   وهذا يفيد العموم  بخصوص  جميع الملل والنحل! وهذا يجعل الكيد والتأمر مطروحاً ضد الإسلام والمسلمين.
 
٢- وجود إسرائيل في فلسطين، وهي بذرة غريبة غربية، تُحمى  ممن زرعها وفرضها بين العرب،  وهذا يتطلب منها ومن حماتها    ورعاتها بث الفتن داخل المجتمعات   الإسلامية   وذات   الطابع السني الخالص،   كالمجتمع السعودي.
 
٣- استغلال إيران وجود إسرائيل في المنطقة   وخوف إسرائيل من الجهاد السني الحقيقي على   وجودها،لتتحالف إيران معها  ومع من   يرعاها من أجل   توسيع أطماعها في المنطقة،وهذامماخلق هناك حشداً إعلامياً هائلاً ضد أهل السنة وخاصة في السعودية.
 
إذاً فكل الإختراقات تنطلق على الأسرة السعودية من خلال هذه المصادر الرئيسة لتخدم كلاً من :
أ – كل من ليس على عقيدة الإسلام
ب- إسرائيل التي تحتل فلسطين بالأقصى الشريف.
ج- إيران الصفوية المجوسية    ذات الأطماع التوسعية الإستعمارية.
    ولاريب أن لهذه الإختراقات أشكال متعددة ووجوه متنوعة، من أهمها مايلي:
 
١- ضعف الإعلام الشديد    في تبصير الأسْرة  بالمواد  النافعة  التي تدله على الإلتفاف حول العلماء الكبار المعروفين وولاة الأمر.
 
٢- هيمنة   التغريبيين   واللبراليين   على الإعلام    المقروء   والمسموع    والمرئي، واستغلاله لطرح الرؤى   التغريبية التي تذوب الثوابت والقيم    الإسلامية   وهذا كفيل بخلق نواة معارضة   داخل الأسرة يختطفها المناوئون ليصنعوا    منها جيلاً متطرفاًكداعش والقاعدة،ينقلب على أهله وولاة أمره وعلماء الأمة.
 
٣- فتح    الأبواب مشرعة    أمام    قنوات الفساد التي تدرجت   من صغائر الفسق إلى كبائر الفساد، لتنشر الرذائل والفكر اللبرالي الهابط، وتتهجم على رموز علمية شرعية وعلى الفتوى والخطاب الإسلامي المعتدل،مماشكل انعكاساً مغايراً، صمت فيه أكثر المعتدلين وتشدق فيه كل المغالين حتى   خرجوا   عن الجادة     وجنواعلى أنفسهم وأسرهم ووطنهم.
 
٤- التسرب   الفكري   المتطرف  دينياًإلى الأسرة السعودية، من خلال متعالمين من خارج البلاد السعودية لايعرفون من العلم الشرعي مايؤهلهم للفتوى، والذي  بدوره أجج جذوة التطرف   في أنفس  الشباب البعيدين   أصلاً عن   التدين    السليم، فأخذهم   من قمقم التيه   والضياع إلى محضن التطرف والغلو.
 
٥- فشلُ الكثير   من ولاة   أمور   الأسر السعودية   في متابعة    أبنائهم    فيما يشاهدون   من قنوات وألعاب   الكترونية ووسائل تواصل،   والفشل   في إيصال   المعلومات   الإيجابية عن العلماء   وولاة الامر والفشل   في إسماعهم   عبارات   الثناء   الصادق على الدين وولاة الأمر والعلماء !
 
٦- فشلُ الموجهين التربويين في الوصول إلى جميع شرائح   الشباب   إبتداءاً من المقاعد الدراسية الأولى، وغرس العقيدة الصحيحة وطاعة ولاة الأمر بالمعروف في أذهانهم،. وتحبيبهم   في النهج السلفي المعتدل   وتبغيضهم في النهج المتطرف!
 
وإني لأقترح إقامة دورات تربوية توجيهية  عالية المستوى داخل المدارس وفي جميع المراحل،    بحيث   لاينتقل.  الطالب  من الإبتدائية إلى المتوسطة إلا بحصوله على هذه الدورة   ولا ينتقل من  المتوسطة  إلى الثانوية   إلا بها وكذلك   من الثانوية إلى الجامعة.
 
أسأل الله أن يحفظ أبنائنا من الفتن وأن يريهم الحق حقاً ويرزقهم اتباعه ويريهم الباطل   باطلاً   ويرزقهم إجتنابه،    وأن يحفظ بلادنا من أعدائها، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل مايحب الله ويرضى!
 
 
مقالك37
 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *